وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ جَآءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بالبينات ﴾
قيل : إن هذا من قول موسى.
وقيل : هو من تمام وعظ مؤمن آل فرعون ؛ ذَكّرهم قديم عتوهم على الأنبياء ؛ وأراد يوسف بن يعقوب جاءهم بالبينات ﴿ أَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ الله الواحد القهار ﴾ [ يوسف : ٣٩ ] قال ابن جريج : هو يوسف بن يعقوب بعثه الله تعالى رسولاً إلى القبط بعد موت الملك من قبل موسى بالبينات وهي الرؤيا.
وقال ابن عباس : هو يوسف بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب أقام فيهم نبيًّا عشرين سنة.
وحكى النقاش عن الضحاك : أن الله تعالى بعث إليهم رسولاً من الجن يقال له يوسف.
وقال وهب بن منبه : إن فرعون موسى هو فرعون يوسف عُمِّر.
وغيره يقول : هو آخر.
النحاس : وليس في الآية ما يدل على أنه هو ؛ لأنه إذا أتى بالبينات نبيّ لمن معه ولمن بعده فقد جاءهم جميعاً بها وعليهم أن يصدّقوه بها.
﴿ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُمْ بِهِ ﴾ أي أسلافكم كانوا في شك.
﴿ حتى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ الله مِن بَعْدِهِ رَسُولاً ﴾ أي من يدعي الرسالة ﴿ كَذَلِكَ يُضِلُّ الله ﴾ أي مثل ذلك الضلال ﴿ يُضِلُّ الله مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ ﴾ مشرك ﴿ مُّرْتَابٌ ﴾ شاك في وحدانية الله تعالى.
قوله تعالى :﴿ الذين يُجَادِلُونَ في آيَاتِ الله ﴾ أي في حججه الظاهرة ﴿ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ ﴾ أي بغير حجة وبرهان و"الَّذِينَ" في موضع نصب على البدل من "مَنْ" وقال الزجاج : أي كذلك يضل الله الذين يجادلون في آيات الله ف"الَّذِينَ" نصب.
قال : ويجوز أن يكون رفعاً على معنى هم الذين أو على الابتداء والخبر ﴿ كَبُرَ مَقْتاً ﴾.
ثم قيل : هذا من كلام مؤمن آل فرعون.
وقيل : ابتداء خطاب من الله تعالى.
"مَقْتاً" على البيان أي "كَبُرَ" جدالهم "مَقْتاً" ؛ كقوله :﴿ وَذَاتَ الشمال ﴾ [ الكهف : ١٨ ] ومقت الله تعالى ذمّه لهم ولعنه إياهم وإحلال العذاب بهم.


الصفحة التالية
Icon