وقال الآلوسى :
ثم وبخهم على تكذيب الرسل السالفين فقال :
﴿ وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ ﴾ بن يعقوب عليهما السلام ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ أي من قبل موسى ﴿ بالبينات ﴾ الأمور الظاهرة الدالة على صدقه ﴿ فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكّ مّمَّا جَاءكُمْ بِهِ ﴾ من الدين ﴿ حتى إِذَا هَلَكَ ﴾ بالموت ﴿ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ الله مِن بَعْدِهِ رَسُولاً ﴾ غاية لقوله :﴿ فَمَا زِلْتُمْ ﴾ وأرادوا بقولهم :﴿ لَن يَبْعَثَ الله مِن بَعْدِهِ رَسُولاً ﴾ تكذيب رسالته ورسالة غيره أي لا رسول فيبعث فهم بعد الشك بتوا بهذا التكذيب ويكون ذلك ترقيا.
ويجوز أن يكون الشك في رسالته على حاله وبتهم إنما هو بتكذيب رسالة غيره من بعده، وقيل : يحتمل أن يكونوا أظهروا الشك في حياته حسداً وعناداً علما مات عليه السلام أقروا بها وانكروا أن يبعث الله تعالى من بعده رسولا وهو خلاف الظاهر، ومجىء يوسف بن يعقوب عليهما السلام المخاطبين بالبينات قيل : من باب نسبة أحوال الآباء إلى الأولاد وكذلك نسبة الأفعال الباقية إليهم، وجوز كون بعض الذين جاءهم يوسف عليه السلام حقيقة حيا ؛ ففي بعض التواريخ ان وفاة يوسف عليه السلام قبل مولد موسى عليه السلام بأربعين وستين سنة فيكون من نسبة حال البعض إلى الكل، واستظهر في البحر أن فرعون يوسف عليه السلام هو فرعون موسى عليه السلام، وذكر عن أشهب عن مالك أنه بلغه أنه عمر اربعمائة وأربعين سنة، والذي ذكره أغلب المؤرخين أن فرعون موسى اسمه الريان وفرعون يوسف اسمه الوليد.
وذكر القرطبي أن فرعون الأول من العمالقة وهذا قبطي، وفرعون يوسف عليه السلام مات في زمنه، واختار القول بتغايرهما، وأمر المجيء وما معه من الأفعال على ما سمعت، وقيل : المراد بيوسف المذكور هو يوسف بن إبراهيم بن يوسف الصديق أرسله الله تعالى نبينا فأقام فيهم عشرين سنة وكان من أمرهم ما قص الله عز وجل : ومن الغريب جداً ما حكاه النقاش.