والماوردي أن يوسف المذكور في هذه السورة من الجن بعثه الله تعالى رسولاً إليهم، نقله الجلال السيوطي في الاتقان ولا يقبله من له أدنى إتقان.
نعم القول بأن للجن نبياً منهم اسمه يوسف أيضاً مما عسى أن يقبل كما لا يهفى.
وقرىء ﴿ أَلَّن يَبْعَثَ ﴾ بادخال عمزة الاستفهام على حرف النفي كأن بعضهم يقرر بعضاً على نفي البعثة.
﴿ كذلك ﴾ أي مثل ذلك الاضلال الفظيع ﴿ يُضِلُّ الله مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ ﴾ في العصيان ﴿ مُّرْتَابٌ ﴾ في دينه شاك فيما تشهد به البينات لغلبة الوهم والانهماك في التقليد.
﴿ الذين يجادلون فِى ءايات الله ﴾ بدل من الموصول الأول أعني من أو بيان أو صفة له باعتبار معناه كأنه قيل : كل مسرف مرتاب أو المسرفين المرتابين، وجوز نصبه بأعني مقدراً، وقوله تعالى شأنه :﴿ بِغَيْرِ سلطان ﴾ على الأوجه المذكورة متعلق بيجادلون وقوله سبحانه :﴿ اتِيهِمْ ﴾ صفة ﴿ سلطان ﴾ والمراد باتيانه اتيانه من جهته سبحانه وتعالى اما على أيدي الرسل عليهم السلام فيكون ذاك إشارة إلى الدليل النقلي، واما بطريق الإفاضة على عقولهم فيكون ذاك إشارة إلى الدليل العقلي، وقد يعمم فيكون المعنى يجادلون بغير حجة صالحة للتمسك بها أصلاً لا عقلية ولا نقلية.
وقوله سبحانه :﴿ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ الله وَعِندَ الذين ءامَنُواْ ﴾ تقرير لما أشعر به الكلام من ذمهم وفيه ضرب من التعجب والاستعظام، وفاعل ﴿ كَبُرَ ﴾ ضمير راجع إلى الجدال الدال عليه ﴿ يجادلون ﴾ على نحو من كذب كان شراً له أي كبر الجدال في آيات الله بغير حجة مقتا عند الله الخ، أو إلى الموصول الأول وأفرد رعاية للفظه، واعترض عليه بأنه حمل على اللفظ من بعد الحمل على المعنى، وأهل العربية يجتنبونه.


الصفحة التالية
Icon