فهم من أمره في حالة شك، أي كان حاصل ما بلغوا إليه في شأنه أنهم في شك مما يكشف لهم عن واجبهم نحوه فانقضت مدة حياة يوسف بينهم وهم في شك من الأمر.
فالملام متوجه عليهم لتقصيرهم في طلب ما ينجيهم بعد الموت قال تعالى :﴿ من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ﴾ [ الإسراء : ١٨ ] الآيتين.
وحتى } للغاية وغايتها هو مضمون الجملة التي بعدها وهي جملة :﴿ إذَا هَلَكَ ﴾، و ﴿ إذَا ﴾ هنا اسم لزمان المضي مجرورة بـ ( حتى ) وليست بظرف، أي حتى زمننِ هلاك يوسف قُلتم : لن يَبعث الله من بعده رسولاً، أي قال أسلافكم في وقت وفاة يوسف : لا يبعث الله في المستقبل أبداً رسولاً بعد يوسف، يعنون : أنا كنا مترددين في الإِيمان بيوسف فقد استرحنا من التردد فإنه لا يجيء من يدَّعِي الرسالة عن الله من بعده، وهذا قول جَرى منهم على عادة المعاندين والمقاومين لأهل الإِصلاح والفضل أن يعترفوا بفضلهم بعد الموت تندماً على ما فاتهم من خير كانوا يَدعونهم إليه.
وفيه ضرب من المبالغة في الكمال في عصره كما يقال : خاتمة المحققين، وبقية الصالحين، ومن لا يأتي الزمان بمثله، وحاصله أنهم كانوا في شك من بعثة رسول واحد، وأنهم أيقنوا أن من يَدّعي الرسالة بعده كاذب فلذلك كذبوا موسى.
ومقالتهم هذه لا تقتضي أنهم كانوا يؤمنون بأنه رسول ضرورةَ أنهم كانوا في شك من ذلك وإنما أرادوا بها قطع هذا الاحتمال في المستقبل وكشفَ الشك عن نفوسهم وظاهر هذه الآية أن يوسف كان رسولاً لظاهر قوله :﴿ قلتم لَن يَبْعثَ الله من بَعْدِهِ رَسُولاً ﴾ أن رسولاً محال من ضمير ﴿ من بعده ﴾.