قالت المعتزلة إنه تعالى شرط فيه كونه مؤمناً وصاحب الكبيرة عندنا ليس بمؤمن فلا يدخل في هذا الوعد والجواب : أنا بينا في أول سورة البقرة في تفسير قوله تعالى :﴿الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب﴾ [ البقرة : ٣ ] أن صاحب الكبيرة مؤمن فسقط هذا الكلام، واختلفوا في تفسير قوله ﴿يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ فمنهم من قال لما كان لا نهاية لذلك الثواب قيل بغير حساب، وقال الآخرون لأنه تعالى يعطيهم ثواب أعمالهم ويضم إلى ذلك الثواب من أقسام التفضل ما يخرج عن الحساب وقوله ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ واقع في مقابلة ﴿إِلاَّ مِثْلَهَا﴾ يعني أن جزاء السيئة له حساب وتقدير، لئلا يزيد على الاستحقاق، فأما جزاء العمل الصالح فبغير تقدير وحساب بل ما شئت من الزيادة على الحق والكثرة والسعة، وأقول هذا يدل على أن جانب الرحمة والفضل راجح على جانب القهر والعقاب، فإذا عارضنا عمومات الوعد بعمومات الوعيد، وجب أن يكون الترجيح بجانب عمومات الوعد وذلك يهدم قواعد المعتزلة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٧ صـ ٦٠ ـ ٦١﴾