و ﴿ مِن الأولى متعلقة بواقٍ، ﴾ وقدم الجار والمجرور للاهتمام بالمجرور، و ﴿ من ﴾ الثانية زائدة لتأكيد النفي بحرف ( ما ) وذلك إشارة إلى المذكور وهو أخذ الله إياهم بذنوبهم.
والباء للسببية، أي ذلك الأخذ بسبب أنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا بهم، وفي هذا تفصيل للإجمال الذي في قوله :﴿ فأخذهم الله بذنوبهم ﴾.
والجملة بعد ( أنَّ ) المفتوحة في تأويل مصدر.
فالتقدير : ذلك بسبب تحقق مجيء الرسل إليهم فكفرهم بهم.
وأفاد المضارع في قوله :﴿ تأتيهم ﴾ تجدد الإتيان مرة بعد مرة لمجموع تلك الأمم، أي يأتي لكل أمة منهم رسول، فجمع الضمير في ﴿ تأتيهم ﴾ و ﴿ رسلهم ﴾ وجمع الرسل في قوله :﴿ رسلهم ﴾ من مقابلة الجمع بالجمع، فالمعنى : أن كل أمة منهم أتاها رسول.
ولم يؤت بالمضارع في قوله :﴿ فكفروا ﴾ لأن كفر أولئك الأمم واحد وهو الإِشراك وتكذيب الرسل.
وكرر قوله :﴿ فأخَذَهُمُ الله ﴾ بعد أن تقدم نظيره في قوله :﴿ فأخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِم ﴾ الخ إطناباً لتقرير أخذ الله إياهم بكفرهم برسلهم، وتهويلاً على المنذَرين بهم أن يُساوُوهم في عاقبتهم كما سَاوَوْهم في أسبابها.
وجملة :﴿ إنَّه قَوِيٌّ شَدِيد العِقَابِ ﴾ تعليل وتبيين لأخذ الله إياهم وكيفيته وسرعة أخذه المستفادة من فاء التعقيب، فالقويّ لا يعجزه شيء فلا يعطل مراده ولا يتريث، و ﴿ شديد العقاب ﴾ بيان لذلك الأخذ على حد قوله تعالى :﴿ فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ﴾ [ القمر : ٤٢ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon