فتح ابن كثير الياء من قوله ﴿ذَرُونِى﴾ وفتح نافع وابن كثير وأبو عمرو الياء من ﴿إِنّى أَخَافُ﴾ وأيضاً قرأ نافع وابن عمرو ﴿وأن يَظْهَر﴾ بالواو وبحذف أو، يعني أنه يجمع بين تبديل الدين وبين إظهار المفاسد، والذين قرأوا بصيغة أو فمعناه أنه لا بد من وقع أحد الأمرين وقرىء يظهر بضم الياء وكسر الهاء والفساد بالنصب على التعدية، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم بلفظ أو يظهر بفتح الياء والهاء والفساد بالرفع، أما وجه القراءة الأولى فهو أنه أسند الفعل إلى موسى في قوله ﴿يُبَدَّلُ﴾ فكذلك في يظهر ليكون الكلام على نسق واحد، وأما وجه القراءة الثانية فهو أنه إذا بدل الدين فقد ظهر الفساد الحاصل بسبب ذلك التبديل.
المسألة الثانية :
المقصود من هذا الكلام بيان السبب الموجب لقتله وهو أن وجوده يوجب إما فساد الدين أو فساد الدنيا، أما فساد الدين فلأن القوم اعتقدوا أن الدين الصحيح هو الذي كانوا عليه، فلما كان موسى ساعياً في إفساده كان في اعتقادهم أنه ساع في إفساد الدين الحق وأما فساد الدنيا فهو أنه لا بد وأن يجتمع عليه قوم ويصير ذلك سبباً لوقوع الخصومات وإثارة الفتن، ولما كان حب الناس لأديانهم فوق حبهم لأموالهم لا جرم بدأ فرعون بذكر الدين فقال :﴿إِنّى أَخَافُ أَن يُبَدّلَ دِينَكُمْ﴾ ثم أتبعه بذكر فساد الدنيا فقال :﴿أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى الأَرْضِ الفساد ﴾.
واعلم أنه تعالى لما حكى عن فرعون هذا الكلام حكى بعده ما ذكره موسى عليه السلام فحكى عنه أنه قال :﴿إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُمْ مّن كُلّ مُتَكَبّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحساب﴾ وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
قرأ نافع وأبو بكر وحمزة والكسائي عذت بإدغام الذال في التاء والباقون بالإظهار.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon