وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بِآيَاتِنَا ﴾
وهي التسع الآيات المذكورة في قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾ [ الإسراء : ١٠١ ] وقد مضى تعيينها.
﴿ وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ أي بحجة واضحة بينة، وهو يذكر ويؤنث.
وقيل : أراد بالسلطان التوراة.
﴿ إلى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ ﴾ خصهم بالذكر لأن مدار التدبير في عداوة موسى كان عليهم ؛ ففرعون الملك وهامان الوزير وقارون صاحب الأموال والكنوز فجمعه الله معهما ؛ لأن عمله في الكفر والتكذيب كأعمالهما.
﴿ فَقَالُواْ سَاحِرٌ كَذَّابٌ ﴾ لما عجزوا عن معارضته حملوا المعجزات على السحر.
قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا جَآءَهُمْ بالحق مِنْ عِندِنَا ﴾ وهي المعجزة الظاهرة ﴿ قَالُواْ اقتلوا أَبْنَآءَ الذين آمَنُواْ مَعَهُ ﴾ قال قتادة : هذا قتل غير القتل الأول ؛ لأن فرعون كان قد أمسك عن قتل الولدان بعد ولادة موسى، فلما بعث الله موسى أعاد القتل على بني إسرائيل عقوبة لهم فيمتنع الإنسان من الإيمان ؛ ولئلا يكثر جمعهم فيعتضدوا بالذكور من أولادهم، فشغلهم الله عن ذلك بما أنزل عليهم من أنواع العذاب، كالضفادع والقمّل والدّم والطوفان إلى أن خرجوا من مصر، فأغرقهم الله.
وهذا معنى قوله تعالى :﴿ وَمَا كَيْدُ الكافرين إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ ﴾ أي في خسران وهلاك، وإن الناس لا يمتنعون من الإيمان وإن فعل بهم مثل هذا فكيده يذهب باطلاً.
قوله تعالى :﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذروني أَقْتُلْ موسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ﴾ "أَقْتُلْ" جزم ؛ لأنه جواب الأمر "وَلْيَدْعُ" جزم ؛ لأنه أمر و"ذَرُونِي" ليس بمجزوم وإن كان أمراً ولكن لفظه لفظ المجزوم وهو مبني.
وقيل : هذا يدلّ على أنه قيل لفرعون : إنا نخاف أن يدعو عليك فيجاب ؛ فقال :"وَلْيَدْعُ رَبَّهُ" أي لا يهولنّكم ما يذكر من ربه فإنه لا حقيقة له وأنا ربكم الأعلى.