والضلال : الضياع، وأصله : خطأ الطريق، كما في قوله تعالى :﴿ أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد ﴾ [ السجدة : ١٠ ].
والمعنى : أن دعاءهم لا ينفعهم ولا يُقبل منهم، وسواء كان قوله :﴿ وَمَا دُعاء الكافرين إلاَّ فِي ضلال ﴾ من كلام الملائكة أو من كلام الله تعالى فهو مقتض عموم دعائهم لأن المصدر المضاف من صيغ العموم فيقتضي أن دعاء الكافرين غير متقبل في الآخرة وفي الدنيا لأن عموم الذوات يستلزم عموم الأزمنة والأمكنة.
وأما ما يوهم استجابة دعاء الكافرين نحو قوله تعالى :﴿ قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفية لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم منها ﴾ [ الأنعام : ٦٣، ٦٤ ] وقوله :﴿ دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق ﴾ [ يونس : ٢٢، ٢٣ ]، فظاهر أن هذه لا تدل على استجابة كرامة ولكنها لتسجيل كفرهم ونكرانهم، وقد يُتوهم في بعض الأحوال أن يَدْعو الكافر فيقع ما طَلبه وإنما ذلك لمصادفة دعائه وقَت إجابة دعاء غيره من الصالحين، وكيف يستجاب دعاء الكافر وقد جاء عن النبي ﷺ استبعاد استجابة دعاء المؤمن الذي يأكل الحرام ويلبس الحرام في حديث مسلم عن أبي هريرة :"ذَكَر رسول الله ﷺ رَجُلاً يُطيلُ السَّفَر أشعثَ أَغْبَرَ يُمدُّ يديْه إلى السماء : يا رَبِّ يا رَبِّ، ومطعَمُه حَرام ومَشْرَبُه حرام وغُذّي بالحرام فأنَّى يستجاب له".
ولهذا لم يقل الله : فلما استجاب دعاءهم، وإنما قال : فلما نجاهم، أي لأنه قدّر نجاتهم من قبل أن يدعوا أو لأن دعاءهم صادف دعاء بعض المؤمنين. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢٤ صـ ﴾