ثم عاد سبحانه إلى حكاية قول المؤمن وأنه أجمل النصيحة أوّلاً بقوله ﴿ اتبعون أهدكم ﴾ ثم استأنف مفصلاً قائلاً ﴿ إنما هذه الحياة الدنيا متاع ﴾ يتمتع به أياماً قلائل ثم يترك عند الموت إن لم يزل نعيمها قبل ذلك ﴿ وإن الآخرة هي دار القرار ﴾ المنزل الذي يستقر فيه. ثم بين أنه كيف تحصل المجازاة في الآخرة وفيه إشارة إلى أن جانب الرحمة أرجح. ومعنى الرزق بغير حساب أنه لا نهاية لذلك الثواب، أو أنه يعطى بعد الجزاء شيئاً زائداً على سبيل التفضل غير مندرج تحت الحساب. ثم صرح بأنهم يدعونه إلى النار وهو يدعوهم إلى الخلاص عنها وفسر هذه الجملة بقوله ﴿ تدعونني لأكفر بالله ﴾ الآية. ليعلم أن الشرك بالله أعظم موجبات النار والتوحيد ضدّه. وفي قوله ﴿ ما لي أدعوكم ﴾ من غير أن يقول " ما لكم " مع أن الإنكار يتوجه في الحقيقة إلى دعائهم لا إلى المجموع ولا إلى دعائه سلوك لطريق الإنصاف.


الصفحة التالية
Icon