ثم قال تعالى :﴿وَأَوْرَثْنَا بَنِى إسرائيل الكتاب هُدًى وذكرى لأُوْلِى الألباب﴾ يجوز أن يكون المراد منه أنه تعالى لما أنزل التوراة على موسى بقي ذلك العلم فيهم وتوارثوه خلفاً عن سلف، ويجوز أن يكون المراد سائر الكتب التي أنزلها الله عليهم وهي كتب أنبياء بني إسرائيل التوراة والزبور والإنجيل، والفرق بين الهدى والذكرى وأن الهدى ما يكون دليلاً على الشيء وليس من شرطه أن يذكر شيئاً آخر كان معلوماً ثم صار منسياً، وأما الذكرى فهي الذي يكون كذلك فكتب أنبياء الله مشتملة على هذين القسمين بعضها دلائل في أنفسها، وبعضها مذكرات لما ورد في الكتب الإلهية المتقدمة.
ولما بيّن أن الله تعالى ينصر رسله وينصر المؤمنين في الدنيا والآخرة وضرب المثال في ذلك بحال موسى وخاطب بعد ذلك محمداً ﷺ فقال :﴿فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ﴾ فالله ناصرك كما نصرهم ومنجز وعده في حقك كما كان كذلك في حقهم، ثم أمره بأن يقبل على طاعة الله النافعة في الدنيا والآخرة فإن من كان لله كان الله له.


الصفحة التالية
Icon