ولكل حزب كان يوم. ولكن الرجل المؤمن يجمعها في يوم واحد :﴿ مثل يوم الأحزاب ﴾ فهو اليوم الذي يتجلى فيه بأس الله. وهو يوم واحد في طبيعته على تفرق الأحزاب.. ﴿ وما الله يريد ظلماً للعباد ﴾ إنما يأخذهم بذنوبهم، ويصلح من حولهم ومن بعدهم بأخذهم بأيام الله.
ثم يطرق على قلوبهم طرقة أخرى، وهو يذكرهم بيوم آخر من أيام الله. يوم القيامة. يوم التنادي :
﴿ ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد. يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم. ومن يضلل الله فما له من هاد ﴾..
وفي ذلك اليوم ينادي الملائكة الذين يحشرون الناس للموقف. وينادي أصحاب الأعراف على أصحاب الجنة وأصحاب النار. وينادي أصحاب الجنة أصحاب النار، وأصحاب النار أصحاب الجنة.. فالتنادي واقع في صور شتى. وتسميته ﴿ يوم التناد ﴾ تلقي عليه ظل التصايح وتناوح الأصوات من هنا ومن هناك، وتصور يوم زحام وخصام.
وتتفق كذلك مع قول الرجل المؤمن :﴿ يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ﴾.. وقد يكون ذلك فرارهم عند هول جهنم، أو محاولتهم الفرار. ولا عاصم يومئذ ولات حين فرار. وصورة الفزع والفرار هي أولى الصور هنا للمستكبرين المتجبرين في الأرض، أصحاب الجاه والسلطان!
﴿ ومن يضلل الله فما له من هاد ﴾.. ولعل فيها إشارة خفية إلى قولة فرعون :﴿ وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ﴾.. وتلميحاً بأن الهدى هدى الله. وأن من أضله فلا هادي له. والله يعلم من حال الناس وحقيقتهم من يستحق الهدى ومن يستحق الضلال.
وأخيراً يذكرهم بموقفهم من يوسف، ومن ذريته كان موسى عليهما السلام وكيف وقفوا موقف الشك من رسالته وما جاءهم به من الآيات، فلا يكرروا الموقف من موسى، وهو يصدق ما جاءهم به يوسف، فكانوا منه في شك وارتياب. ويكذب ما جزموا به من أن الله لن يبعث من بعده رسولاً، وها هو ذا موسى يجيء على فترة من يوسف ويكذب هذا المقال :


الصفحة التالية
Icon