﴿ وقال الذي آمن : يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد. يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع، وإن الآخرة هي دار القرار. من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها، ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب. ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار. تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم، وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار. لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة، وأن مردنا إلى الله، وأن المسرفين هم أصحاب النار. فستذكرون ما أقول لكم، وأفوض أمري إلى الله. إن الله بصير بالعباد ﴾..
إنها الحقائق التي تقررت من قبل في صدر السورة، يعود الرجل فيقررها في مواجهة فرعون وملئه. إنه يقول في مواجهة فرعون :
﴿ يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد ﴾..
وقد كان فرعون منذ لحظات يقول :﴿ وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ﴾ فهو التحدي الصريح الواضح بكلمة الحق لا يخشى فيها سلطان فرعون الجبار، ولا ملأه المتآمرين معه من أمثال هامان وقارون. وزيري فرعون فيما يقال.
ويكشف لهم عن حقيقة الحياة الدنيا :﴿ إنما هذه الحياة الدنيا متاع ﴾.. متاع زائل لا ثبات له ولا دوام. ﴿ وإن الآخرة هي دار القرار ﴾.. فهي الأصل وإليها النظر والاعتبار.
ويقرر لهم قاعدة الحساب والجزاء في دار القرار :
﴿ من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها. ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن، فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب ﴾..
فقد اقتضى فضل الله أن تضاعف الحسنات ولا تضاعف السيئات، رحمة من الله بعباده، وتقديراً لضعفهم، وللجواذب والموانع لهم في طريق الخير والاستقامة، فضاعف لهم الحسنات، وجعلها كفارة للسيئات. فإذا هم وصلوا إلى الجنة بعد الحساب، رزقهم الله فيها بغير حساب.
ويستنكر الرجل المؤمن أن يدعوهم إلى النجاة فيدعونه إلى النار، فيهتف بهم في استنكار :