﴿ فوقاه الله سيئات ما مكروا، وحاق بآل فرعون سوء العذاب. النار يعرضون عليها غدوا وعشياً، ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ﴾.
﴿ وإذ يتحاجون في النار، فيقول الضعفاء للذين استكبروا : إنا كنا لكم تبعاً، فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار؟ قال الذين استكبروا : إنا كل فيها، إن الله قد حكم بين العباد. وقال الذين في النار لخزنة جهنم : ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب. قالوا : أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات؟ قالوا : بلى. قالوا : فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ﴾..
لقد طويت الدنيا، وعرضت أول صفحة بعدها. فإذا الرجل المؤمن الذي قال كلمة الحق ومضى، قد وقاه الله سيئات مكر فرعون وملئه، فلم يصبه من آثارها شيء في الدنيا، ولا فيما بعدها أيضاً. بينما حاق بآل فرعون سوء العذاب :
﴿ النار يعرضون عليها غدواً وعشياً. ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ﴾.
والنص يلهم أن عرضهم على النار غدواً وعشياً، هو في الفترة من بعد الموت إلى قيام الساعة. وقد يكون هذا هو عذاب القبر. إذ أنه يقول بعد هذا :﴿ ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ﴾.. فهو إذن عذاب قبل يوم القيامة. وهو عذاب سيء. عرض على النار في الصباح وفي المساء. إما للتعذيب برؤيتها وتوقع لذعها وحرها وهو عذاب شديد وإما لمزاولتها فعلاً.
فكثيراً ما يستعمل لفظ العرض للمس والمزاولة. وهذه أدهى.. ثم إذا كان يوم القيامة أدخلوا أشد العذاب!
فأما في الآية التالية فقد كانت القيامة فعلاً، والسياق يلتقط لهم موقفاً في النار! وهم يتحاجون فيها :
﴿ فيقول الضعفاء للذين استكبروا : إنا كنا لكم تبعاً. فهل أنتم مغنون عنا نصيباً من النار؟ ﴾.
إن الضعفاء إذن في النار مع الذين استكبروا. لم يشفع لهم أنهم كانوا ذيولاً وإمعات! ولم يخفف عنهم أنهم كانوا غنماً تساق! لا رأي لهم ولا إرادة ولا اختيار!