وأعيدت ﴿ لا ﴾ في المسيء تذكيراً للنفي السابق لما بينهما من الفصل بطول الصلة، ولأن المقصود بالنفي أن الكافر المسيء لا يساوي المؤمن المحسن، وذكر عدم مساواة الأعمى للبصير توطئة له، ولو لم يعد النفي فيه فربما ذهل عنه وظن أنه ابتداء كلام، ولو قيل : ولا الذين آمنوا والمسيء لم يكن نصاً فيه أيضاً لاحتمال أنه مبتدأ كلام، ولو قيل : ولا الذين آمنوا والمسيء لم يكن نصاً فيه أيضاً لاحتمال أنه مبتدأ و﴿ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ خبره وجمع على المعنى قاله الخفاجي، وهو إن تم فعلى القراءة بياء الغيبة، وقيل : لم يقل ولا الذين آمنوا والمسيء لأن المقصود نفي مساواة المسيء للمحسن لا نفي مساواة المحسن له إذ المراد بيان خسارته ولا يصفو عن كدر فتدبر، والموصول مع عطف عليه معطوف على ﴿ الاعمى ﴾ مع ما عطف عليه عطف المجموع على المجموع كما في قوله تعالى :﴿ هُوَ الأول والاخر والظاهر والباطن ﴾ [ الحديد : ٢ ] ولم يترك العطف بينهما بناء على أن الأول مشبه به والثاني مشبه وهما متحدان مآلاً لأن كلا من الوصفين الأولين مغاير لكل من الوصفين الأخيرين وتغاير الصفات كتغاير الذوات في صحة التعاطف، ووجه التغاير أن الغافل والمستبصر والمحسن والمسيء صفات متغايرة المفهوم بقطع النظر عن اتحاد ما صدقهما وعدمه، وقيل : التغاير بين الوصفين الأولين والوصفين الأخيرين من جهة أن القصد في الأولين إلى العلم، وفي الأخيرين إلى العمل، وهو وجه لا بأس به، وقيل : هما وإن اتحدا ذاتاً متغايران اعتباراً من حيث أن الثاني صريح والأول مذكور على طريق التمثيل، ونظر فيه بأنه لو اكتفى بمجرد هذه المغايرة لزم جواز عطف المشبه على المشبه به وعكسه.
﴿ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ أي تذكراً قليلاً تتذكرون.
وقرأ الجمهور.
والأعرج.
والحسن.
وأبو جعفر.


الصفحة التالية
Icon