﴿ ذلكم ﴾ المتفردُ بالأفعالِ المقتضيةِ للألوهيةِ والربوبيةِ ﴿ الله رَبُّكُمْ خالق كُلّ شَىْء لاَّ إله إِلاَّ هُوَ ﴾ أخبارٌ مترادفةٌ تخصصُ اللاحقةُ منها السابقةَ وتُقررها. وقُرِىءَ خالقَ بالنصبِ على الاختصاصِ فيكونُ لاَ إلَه إلا هُو استئنافاً بما هُو كالنتيجة للأوصاف المذكورةِ ﴿ فأنى تُؤْفَكُونَ ﴾ فكيفَ، ومن أيِّ وجهٍ تُصرفونَ عن عبادتِه خاصَّةً إلى عبادةِ غيرِه ﴿ كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الذين كَانُواْ بئايات الله يَجْحَدُونَ ﴾ أي مثلَ ذلكَ الإفكِ العجيبِ الذي لا وجَه لهُ ولا مصححَ أصلاً يؤفكُ كلُّ من جحدَ بآياتِه تعالَى أيَّ آية كانتْ لا إفكاً آخرَ له وجهٌ ومصحِّحٌ في الجملة ﴿ الله الذى جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَاراً والسماء بِنَاء ﴾ بيانٌ لفضلِه تعالى المتعلقِ بالمكانِ بعد بيانِ فضلِه المتعلقِ بالزمانِ. وقولُه تعالَى :﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ بيانٌ لفضلِه المتعلقِ بأنفسِهم، والفاءُ في فأحسنَ تفسيريةٌ فإنَّ الإحسانَ عينُ التصويرِ أي صوَّركُم أحسنَ تصويرٍ حيثُ خلقكُم مُنتصِبي القامةِ باديَ البَشَرةِ متناسبَ الأعضاءِ والتخطيطاتِ متهيئاً لمزاولةِ الصنائعِ واكتسابِ الكمالاتِ. ﴿ وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات ﴾ أي اللذائذِ ﴿ ذلكم ﴾ الذي نُعتَ بما ذُكرَ من النعوتِ الجليلةِ ﴿ الله رَبُّكُمُ ﴾ خبرانِ لذلكُم ﴿ فَتَبَارَكَ الله ﴾ أي تعالَى بذاتِه ﴿ رَبّ العالمين ﴾ أي مالكُهم ومربيِهم والكلُّ تحتَ ملكوتِه مفتقرٌ إليه في ذاتِه ووجودِه وسائرِ أحوالِه جميعاً بحيثُ لو انقطعَ فيضُه عَنه آناً لانعدمَ بالكليةِ.