فصل


قال الفخر :
﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾
اعلم أنا بينا أن دلائل وجود الله وقدرته إما أن تكون من دلائل الآفاق أو من باب دلائل الأنفس، أما دلائل الآفاق فالمراد كل ما هو غير الإنسان من كل هذا العالم وهي أقسام كثيرة، والمذكور منها في هذه الآية أقسام منها أحوال الليل والنهار وقد سبق ذكره وثانيها : الأرض والسماء وهو المراد من قوله ﴿الله الذى جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَاراً والسماء بِنَاء﴾ قال ابن عباس في قوله ﴿قَرَاراً﴾ أي منزلاً في حال الحياة وبعد الموت ﴿والسماء بِنَاء﴾ كالقبة المضروبة على الأرض، وقيل مسك الأرض بلا عمد حتى أمكن التصرف عليها ﴿والسماء بِنَاء﴾ أي قائماً ثابتاً وإلا لوقعت علينا، وأما دلائل الأنفس فالمراد منها دلالة أحوال بدن الإنسان ودلالة أحوال نفسه على وجود الصانع القادر الحكيم، والمذكور منها في هذه الآية قسمان أحدها : ما هو حاصل مشاهد حال كما حاله والثاني : ما كان حاصلاً في ابتداء خلقته وتكوينه.


الصفحة التالية
Icon