وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ﴾
أي أطفالاً.
وقد تقدّم هذا.
﴿ ثُمَّ لتبلغوا أَشُدَّكُمْ ﴾ وهي حالة اجتماع القوّة وتمام العقل.
وقد مضى في "الأنعام" بيانه.
﴿ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً ﴾ بضم الشين قراءة نافع وابن محيصن وحفص وهشام ويعقوب وأبو عمرو على الأصل ؛ لأنه جمع فَعْل، نحو : قَلْب وقُلُوب ورأس ورؤوس.
وقرأ الباقون بكسر الشين لمراعاة الياء وكلاهما جمع كثرة، وفي العدد القليل أشياخ والأصل أشيخ ؛ مثل فلس وأفلس إلا أن الحركة في الياء ثقيلة.
وقرىء "شَيْخاً" على التوحيد ؛ كقوله :"طِفْلاً" والمعنى كل واحد منكم ؛ واقتصر على الواحد لأن الغرض بيان الجنس.
وفي الصحاح : جمع الشّيخ شُيوخ وأشياخ وشِيخة وشِيخان ومَشْيخة ومَشَايخ ومَشْيوخاء، والمرأة شَيخة.
قال عبيد :
كأنَّها شَيْخَةٌ رَقُوبُ...
وقد شاخ الرجلُ يَشِيخ شَيخَا بالتحريك على أصله وشَيْخوخة، وأصل الياء متحركة فسكنت ؛ لأنه ليس في الكلام فعْلول.
وشَيَّخ تَشْيِيخاً أي شاخ.
( وَشَيَّخته ) دعوته شيخاً للتبجيل.
وتصغير الشيخ شُيَيخ وشِيَيخ أيضاً بكسر الشين ولا تقل شُوَيخ.
النحاس : وإن اضطر شاعر جاز أن يقول أشيخ مثل عين وأعين إلا أنه حسن في عين ؛ لأنها مؤنثة.
والشيخ من جاوز أربعين سنة.
﴿ وَمِنكُمْ مَّن يتوفى مِن قَبْلُ ﴾ قال مجاهد : أي من قبل أن يكون شيخاً، أو من قبل هذه الأحوال إذا خرج سِقطاً.
﴿ ولتبلغوا أَجَلاً مُّسَمًّى ﴾ قال مجاهد : الموت للكل.
واللام لام العاقبة.
﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ ذلك فتعلموا أن لا إله غيره.
قوله تعالى :﴿ هُوَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ ﴾ زاد في التنبيه أي هو الذي يقدر على الإحياء والإماتة.
﴿ فَإِذَا قضى أَمْراً ﴾ أي أراد فعله قال :﴿ لَهُ كُن فيَكُونُ ﴾.
ونصب "فيكون" ابن عامر على جواب الأمر.
وقد مضى في "البقرة" القول فيه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٥ صـ ﴾