وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
وقوله تعالى :﴿ ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون ﴾
ظاهر الآية أنها في الكفار المجادلين في رسالة محمد والكتاب الذي جاء به بدليل قوله :﴿ الذين كذبوا بالكتاب ﴾. وهذا قول ابن زيد والجمهور من المفسرين. وقال محمد بن سيرين وغيره، قوله تعالى :﴿ ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون ﴾ هي إشارة إلى أهل الأهواء من الأمة، وروت هذه الفرقة في نحو هذا حديثاً وقالوا هي في أهل القدر ومن جرى مجراهم، ويلزم قائلي هذه المقالة أن يجعلوا قوله تعالى :﴿ الذين كذبوا ﴾ كلاماً مقطوعاً مستأنفاً في الكفار. ﴿ الذين ﴾ ابتداء وخبره :﴿ فسوف يعلمون ﴾، ويحتمل أن يكون خبر الابتداء محذوفاً والفاء متعلقة به.
وقوله تعالى :﴿ إذ الأغلال ﴾ يعني يوم القيامة، والعامل في الظرف ﴿ يعلمون ﴾ وعبر عن ظرف الاستقبال بظرف لا يقال إلا في الماضي، وذلك لما تيقن وقوع الأمر حسن تأكيده بالإخراج في صيغة المضي، وهذا كثير في القرآن كما قال تعالى :﴿ وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ﴾ [ المائدة : ١١٦ ] قال الحسن بن أبي الحسن : لم تجعل السلاسل في أعناق أهل النار، لأنهم أعجزوا الرب، لكن لترسبهم إذا أطفاهم اللهب.