وقرأ جمهور الناس :" والسلاسلُ " عطفاً على ﴿ الأغلال ﴾. وقرأ ابن عباس وابن مسعود :" والسلاسلَ " بالنصب " يسحَبون " بفتح الحاء وإسناد الفعل إليهم وإيقاع الفعل على " السلاسل ". وقرأت فرقة " والسلاسلِ " بالخفض على تقدير إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل. فعطف على المراد من الكلام لا على ترتيب اللفظ، إذ ترتيبه فيه قلب، وهو على حد قول العرب : أدخلت القلنسوة في رأسي. وفي مصحف أبي بن كعب :" وفي السلاسل يسحبون ". و: ﴿ يسحبون ﴾ معناه يجرون، والسحب الجر. و﴿ الحميم ﴾ : الذائب الشديد الحر من النار، ومنه يقال للماء السخن : حميم. و: ﴿ يسجرون ﴾ قال مجاهد معناه : توقد النار بهم، والعرب تقول : سجرت التنور إذا ملأتها. وقال السدي :﴿ يسجرون ﴾ يحرقون.
ثم أخبر تعالى أنهم يوقفون يوم القيامة على جهة التوبيخ والتقريع، فيقال لهم أين الأصنام التي كنتم تعبدون من دون الله؟ فيقولون :﴿ ضلوا عنا ﴾ أي تلفوا لنا وغابوا واضمحلوا، ثم تضطرب أقوالهم ويفزعون إلى الكذب فيقولون :﴿ بل لم نكن ندعو من قبل شيئاً ﴾ وهذا من أشد الاختلاط وأبين الفساد في الدهر والنظر فقال الله تعالى لنبيه :﴿ كذلك يضل الله الكافرين ﴾ أي كهذه الصفة المذكورة وبهذا الترتيب.
ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥)
المعنى يقال للكفار المعذبين ﴿ ذلكم ﴾ العذاب الذي أنتم فيه ﴿ بما كنتم تفرحون ﴾ في الدنيا بالمعاصي والكفر. و: ﴿ يمرحون ﴾ قال مجاهد معناه : الأشر والبطر. وقال ابن عباس : الفخر والخيلاء.
وقوله تعالى :﴿ ادخلوا ﴾ معناه : يقال لهم قبل هذه المحاورة في أول الأمر ﴿ ادخلوا ﴾، لأن هذه المخاطبة إنام هي بعد دخولهم وفي الوقت الذي فيه الأغلال في أعناقهم. و: ﴿ أبواب جنهم ﴾ هي السبعة المؤدية إلى طبقاتها وأدراكها السبعة. والمثوى : موضع الإقامة.


الصفحة التالية