ولما كان الركوب منها هو أعظم منفعة، إذ فيه منفعة الأكل والركوب.
وذكر إيضاً أن في الجميع منافع من شرب لبن واتخاذ دثار وغير ذلك، أكد منفعة الركوب بقوله :﴿ ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم ﴾ من بلوغ الأسفار الطويلة، وحمل الأثقال إلى البلاد الشاسعة، وقضاء فريضة الحج، والغزو، وما أشبه ذلك من المنافع الدينية والدنيوية.
ولما كان الركوب وبلوغ الحاجة المترتبة عليه قد يتوصل به إلى الانتقال لأمر واجب، أو مندوب كالحج وطلب العلم، دخل حرف التعليل على الركوب وعلى المترتب عليه من بلوغ الحاجات، فجعل ذلك علة لجعل الأنعام لنا.
ولما كان الأكل وإصابة المنافع من جنس المباحات، لم يجعل ذلك علة في الجعل، بل ذكر أن منها نأكل، ولنا فيها منافع من شرب لبن واتخاذ دثار وغير ذلك، كما أدخل لام التعليل في لتركبوها، ولم يدخلها على الزينة في قوله :﴿ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ﴾ ولما ذكر تعالى ما امتن به من منة الركوب للإبل في البر، ذكر ما امتن به من نعمة الركوب في البحر فقال :﴿ وعليها وعلى الفلك تحملون ﴾.
ولما كان الفلك يصح أن يقال فيه : حمل في الفلك، كقوله :﴿ احمل فيها ﴾ ويصح أن يقال فيه حمل على الفلك، اعتبر لفظ على لمناسبة قوله :﴿ وعليها ﴾، وإن كان معنى في صحيحاً ﴿ ويريكم آياته ﴾ : أي حججه وأدلته على وحدانيته.
﴿ فأي آيات الله تنكرون ﴾ : أي إنها كثيرة، فأيها ينكر؟ أي لا يمكن إنكار شيء منها في العقول، ﴿ فأي آيات الله ﴾ منصوب بتنكرون.
قال الزمخشري :﴿ فأي آيات ﴾ جاءت على اللغة المستفيضة، وقولك : فأية آيات الله قليل، لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات نحو : حمار وحمارة غريب، وهي في أي أغرب لإبهامه.
انتهى، ومن قلة تأنيث : أي قوله :
بأي كتاب أم بأية سنة...
ترى حبهم عاراً عليّ وتحسب


الصفحة التالية
Icon