وقوله: ﴿لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ...﴾، يقول: التوراة والإنجيل لا تكذبه وهى [من] بين يديه ﴿ولا من خلفه﴾، يقول: لا ينزل بعده كتاب يكذبه.
﴿ مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ ﴾
وقوله: ﴿مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ...﴾.
جزع (صلى الله عليه) من تكذيبهم إياه، فأنزل الله جل وعز عليه: ما يقال لك من التكذيب إلا كما كذب الرسل من قبلك:
﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾
قرأ الأعمش وعاصم: ﴿ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ...﴾.
استفهام، وسكنا العين، وجاء التفسير: أيكون هذا الرسول عربياً والكتاب أعجمى؟
وقرأ الحسن بغير استفهام: أعجمى وعربى، كأنه جعله من قيِلهم، يعنى الكفَرة، أى: هلاَّ فصلت آياته منها عربى يعرفه العربى، وعجمى يفهمه العجمى، فأنزل الله عز وجل: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ...﴾.
وقرأها بعضهم: "أَعَجَمِىٌّ وعربى" يستفهم وينسبه إلى العجم.
وقوله: ﴿وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى...﴾.
حدثنا الفراء قال: وحدثنى غير واحد منهم [أبو الأحوص و] مندل عن موسى بن أبى عائشة عن سليمان بن قَتّة عن ابن عباس أنه قرأ: عَمٍ.
وقوله: ﴿أُوْلَائِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ...﴾.
تقول للرجل الذى لا يفهم قولك: أنت تنادَى من بعيد، تقول للفَهِم: إنك لتأخذ الشىء من قريب. وجاء فى التفسير: كأنما ينادون [من السماء] فلا يسمعون.