هذا واعلم أن اللّه تعالى قادر على خلق الكون بما فيه وإبادته في لحظة واحدة، لأنه عبارة عن الأمر بلفظ كن فيكون بين الكاف والنون، قال تعالى (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) الآية ٨١ من سورة يس وهي مكررة كثيرا في القرآن في المعنى، وقال تعالى (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) الآية ٢٠ من سورة القمر المارة في ج ١، وإنما القصد من خلقها في ستة أيام هو أنه جعل لكل شيء حدا محدودا لا يتعداه، فلا يدخل شيء من مخلوقاته في الوجود إلا بالوقت الذي قدره لدخوله، وانه ليعلّم خلقه التثبت في الأمر والتأني بفعله، قال صلّى اللّه عليه وسلم التأني من اللّه والعجلة من الشيطان، وانه إذا جعل الشيء دفعة واحدة ظن وقوعه اتفاقيا، وإذا حدث تدريجيا شيئا فشيئا على سبيل المصلحة والحكمة كان أبلغ في القدرة وأقوى في الدلالة، والقول الفصل في هذا وأمثاله هو أن يقال إن أفعال اللّه لا تعلل، ومن علم أنه لا يسأل
هما يفعل، وأيقن بالقدرة، وأن الحكيم لا يفعل شيئا إلا عن حكمة، وعلم أن اللّه أحكم الحاكمين حكما وحكمة، سكت وسلم فحفظ وغنم وسلم، وإلا فهو على خطر عظيم حفظنا اللّه ووقانا.
وهو القائل "وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ" كواكب مختلفة في الحجم والشكل واللون والضياء والسير "وَحِفْظاً" من الشيطان الذي يسترق السمع، راجع الآية ١١ من سورة الصافات المارة "ذلِكَ" الصنع البديع والتقدير العظيم "تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" ١٢ البالغ علمه كل خفي وجلي