"فَأَمَّا عادٌ" قوم هود عليه السلام "فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ" وتعاظموا على أهلها واستولوا على ما ليس لهم منها ظلما "وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً" لينزعنا عنها، يهدّدون نبيهم بهذا القول حينما خوفهم عذاب اللّه معتمدين على ضخامة أجسادهم وقوة سواعدهم، قالوا كان أحدهم يقلع الشجرة من الأرض والصخرة من الجبل بيده، فرد اللّه عليهم بقوله عزّ قوله "أَ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً" لأنه قادر على إبادتهم بصيحة من أحد ملائكته، ولو شاء لانتزع قوتهم وجعلهم أضعف خلقه ولكنهم بغوا بما
أنعم اللّه عليهم "وَكانُوا بِآياتِنا" التي أريناهم إياها "يَجْحَدُونَ" ١٥ ويكذبون قدرتنا مع اعترافهم بها "فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً" عاصفا شديدا باردا له صوت قاصف، وهذا أحد أسماء رياح العذاب، وعاصف وقاصف وعقيم، ورياح الرحمة لها أربعة أسماء أيضا : ناشرات ومبشرات ومرسلات وذاريات، ويأتي في القرآن العظيم ذكر الريح غير الموصوف للعذاب، والرياح للرحمة، كما أن المطر للعذاب، والغيث للرحمة، وكان ذلك الريح الصرصر "فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ" نكدات مشؤومات مغيرات للنعم مكدرات للعبش، قالوا كان أولها يوم الأربعاء من صفر، وآخرها الأربعاء من آخره، قالوا وما أنزل اللّه عذابا إلا يوم الأربعاء، وقدمنا ما يتعلق في هذا في الآية ٢٠ من سورة القمر في ج ١ والآية ١٠٢ من سورة الصّافات والآية ٢٢ من سورة الحجر المارتين، وذكرنا أنه لا قباحة للأيام، وأن الشؤم والقباحة بعمل أهلها، قال الأصمعي :
إن الجديدين في طول اختلافهما لا يفسدان ولكن يفسد الناس
وقال الآخر :
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا


الصفحة التالية
Icon