جمعه مع ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ الله﴾ ومع ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى الله﴾ يقتضي التساوي إلا ما دل الدليل على (التفاوت) فيه (بل أقوالهم تضمنت كتم الشهادة فيقال : إنما علق الظلم على الكتم ليعلم أن شهادة الزور أعظم جريمة فقد وعده بالعذاب على الوجهين (ووبخوا) بفعل ما ارتكبوا من ذلك) والشهداء على ثلاثة أقسام : شاهد بالحق، وشاهد بالزور، وكاتم للشهادة، فلا يشهد بشيء) مع علمه بها. وهؤلاء شهدوا بالزور ولم يكتموا الشهادة فقالوا :﴿كُونُواْ هُوداً أَوْ نصارى﴾ فعلق الحكم على الأخف ليفيد العقوبة على ما هو أشد منه من باب أحرى. أهـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ١ صـ ٤٣٤ ـ ٤٣٥﴾
قوله تعالى ﴿وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾
وأما قوله تعالى ﴿وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ فهو الكلام الجامع لكل وعيد، ومن تصور أنه تعالى عالم بسره وإعلانه ولا يخفى عليه خافية أنه من وراء مجازاته إن خيراً فخير وإن شراً فشر لا يمضي عليه طرفة عين إلا وهو حذر خائف ألا ترى أن أحدنا لو كان عليه رقيب من جهة سلطان يعد عليه الأنفاس لكان دائم الحذر والوجل مع أن ذلك الرقيب لا يعرف إلا الظاهر، فكيف بالرب الرقيب الذي يعلم السر وأخفى إذا هدد وأوعد بهذا الجنس من القول. أهـ ﴿مفاتيح الغيب ـ حـ٤ صـ ٨١﴾
وقال الإمام السمرقندى :
هذا القول وعيد للظالم وتعزية للمظلوم. أهـ ﴿بحر العلوم ـ حـ١ صـ ١٢٥﴾
فإن قيل : ما الحكمة في عدوله عن قوله :" وَاللهُ عَلِيمٌ " إلى " وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ ".


الصفحة التالية
Icon