والاستفهام للإنكار والتوبيخ أيضاً فيكون قد انتقل عن قوله : أتحاجوننا وأخذ في الاستفهام عن قضية أخرى، والمعنى على إنكار نسبة اليهودية والنصرانية إلى إبراهيم ومن ذكرمعه، [ كأنه قيل : أتقولون : إن الأنبياء علليه السلام كانوا قبل نزول التوراة والإنجيل هوداً أو نصارى ].
وأما قراءة الغيبة فالظاهر أن " أم " فيها منقطعة على المعنى المتقدم، وحكى الطبري عن بعض النحويين أنها متّصلة ؛ لأنك إذا قلت : أتقوم أم يقوم عمرو ؛ أيكون هذا أم هذا، أورد ابن عطية هذا الوجه فقال : هذا المثال غير جيّد ؛ لأن القائل غير واحد، والمخاطب واحد، والقول في الآية من اثنين، والمخاطب اثنان غيران، وإما تتّجه معادلة " أم " للألف على الحكم المعنوى، كأن معنى قل : أتحاجوننا :" أيحاجون يا محمد أم تقولون ".
وقال الزمخشري : وفيمن قرأ بالياء لا تكون إلاَّ منطقعة.
قال أبو حيان رحمه الله تعالى : ويمكن الاتصال مع قراءة الياء، ويكون ذلك من الالتفات إذا صار فيه خروج من خطاب إلى غيبة، والضمير لناس مخصوصين.
وقال أبو البقاء : أم تقولون يقرأ بالياء ردًّا على قوله :" فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ "، فجعل هذه الجملة متعلّقة بقوله :" فَسَيَكْفِيكَهُمُ "، وحينئذ لا تكون إلا منقطعة لما عرفت أن من شرط المتصلة تقدم همزة استفهام أو تسوية مع أن المعنى ليس على أن الانتقال من قوله :" فسيكفيكهم " إلى قوله :" أم يقولون " حتى يجعله ردّاً عليه، وهو بعيد عنه لفظاً ومعنى.
وقال أبو حيان : الأحسن في القراءتين أن تكون " أم " منقعطة، وكأنه أنكر عليهم محاجتهم في الله، وسبة أنبيائه لليهودية والنصرانية، وقد وقع منهم ما أنكر عليهم ألا ترى إلى قوله :﴿ ياأهل الكتاب لِمَ تُحَآجُّونَ في إِبْرَاهِيمَ ﴾ [ آل عمران : ٦٥ ] الآيات.


الصفحة التالية
Icon