وإذا جعلناها متصلة كان ذلك غير متضمن وقوع الجملتين، بل إحداهما، وصار السؤال عن تعيين إحداهما، وليس الأمر كذلك إذ وقعا معاً.
وهذا الذي قاله الشيخ حَسَن جداً.
و" أو " في قوله :" هُوداً أو نصارى " كهي في قوله :﴿ لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نصارى ﴾ [ البقرة : ١١١ ] وقد تقدم تحقيقه.
قوله تعالى :﴿ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله ﴾.
معناه : أن الله أعلم، وَخَبره أصدق، وقد أخبر في التوراة والإنجيل، وفي القرآن على لسان محمد ﷺ أنه كانوا مسلمين مبرئي عن اليهودية والنصرانية.
فإن قيل : إنما يقال هذا فيمن لا يعلمن وهم علموه وكتموه، فكيف يصح الكلام ؟
فالجواب : من قال " إنهم كانوا على ظَنّ وتوهم، فالكلام ظاهر، ومن قال : علموا وجحدوا، فمعناه : أن منزلتكم منزلة المعترضين على ما يعلم أن الله أخبر به، فلا ينفعه ذلك مع إقراره بأن الله تعالى أعلم.
[ و" أم " في قوله تعالى :" أم الله " متصلة، والجلالة، عطف على " أنتم "، ولكنه فصل بي المتعاطفين بالمسؤول عنه، وهو أحسن الاستعمالات الثلاثة ؛ وذلك أنه يجوز في مثل هذا التركيب ثلاثة أوجه : تقدم المسؤول عنه نحو قوله :" أأعلم أم الله "، وتوسطه نحو " أأنتم أعلم أم الله "، وتأخيره نحو : أأنتم أم الله أعلم.
وقال أبو البقاء رحمه الله تعالى :" أم الله " مبتدأ، والخبر محذوفل أي : أم الله أعلم، و" أم " هنا متصلة، أي : ربكم أعلم، وفيه نظر ؛ لأنه إذا قدر له خبراً صناعياً صار جملة، و" أم " المتصلة لا تعطف الجمل، بل المفرد وما فيها معناه.
وليس قول أبي البقاء بتفسير معنى، فيغتفر له ذلك، بل تفسير إعراب، والتفصيل في قوله :" أعلم " على سبيل الاستهزاء، وعلى تقدير أن يظن بهم علم، فيكون من الجهلة، وإلا فلا مشاركة، ونظيره قول حسان :[ الوافر ]
أَتهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ...


الصفحة التالية
Icon