شَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ
وقد علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام خير الكل ].
قوله تعالى :﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ الله ﴾.
في " من " من قوله :" مِنَ اللهِ " أربعة أوجه :
أحدها : أنها متعلقة بـ " كنتم "، وذلك على حذف مضاف أي : كتم من عباد الله شهادة عنده.
الثاني : أن تتعلق بمحذوف على أنها صفة لشهادة بعد صفة ؛ لأن " عنده " صفة لشهادة، وهو ظاهر قول الزمخشري رحمه الله، فإنه قال : و" من " في قوله :" شَهَادَةً مِنَ اللهِ " مثلها في قولك :" هذه شهادة مني لفلان " إذا شهدت له، ومثله :﴿ بَرَآءَةٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ ﴾ [ التوبة : ١ ].
الثالث : أنها في محلّ نصب على الحال من المضمر في " عنده " يعني : من الضمير المرفوع بالظَّرف لوقوعه صفة، ذكره أبو البقاء رحمه الله تعالى.
الرابع : أن يتعلّق بذلك المحذوف الذي تعلق به الظرف، وهو " عنده " لوقوعه صفة، والفرق بينه وبين الوجه الثاني أن ذلك له عامل مستقل غير العامل في الظرف.
قال أبو البقاء : ولا يجوز أن تعلق " من " بشهادة لئلاً يفصل بين الصلة والموصول بالصفة يعني : أن " شهادة " مصدر مؤول بحرف مصدري وفعل، فلو عَلّقت " مِنْ " بها لكنت قد فصلت بين ما هو في معنى الموصول، وبين أبعاض الصّلة بأجنبي، وهو الظرف الواقع صفة لشهادة.
وفيه نظر من وجهين :
أحدهما : لا نسلم أن " شهادة " ينحل إلى الموصول وصلته فإن كل مصدر لا ينحل لهما.
والثاني : سلمنا ذلك، ولكن لا نسلم والحالة هذه أن الظرف صفة، بل هو معمول لها، فيكون بعض الصلة أجنبياً حتى يلزم الفصل به بين الموصول وصلته، وإنما كان طريق منع هذا بغير ما ذكر، وهو أن المعنى يأبى ذلك.


الصفحة التالية
Icon