فمن أنصف علم أنه ليس في يد الخلق كتاب اجتمع فيه من العلوم المختلفة والمباحث المتباينة مثل ما في القرآن وخامسها : قوله ﴿قُرْءَاناً﴾ والوجه في تسميته قرآناً قد سبق وقوله تعالى :﴿قُرْءاناً﴾ نصب على الاختصاص والمدح أي أُريد بهذا الكتاب المفصل قرآناً من صفته كيت وكيت، وقيل هو نصب على الحال وسادسها : قوله ﴿عَرَبِيّاً﴾ والمعنى أن هذا القرآن إنما نزل بلغة العرب وتأكد هذا بقوله تعالى :
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [ إبراهيم : ٤ ] وسابعها : قوله تعالى :﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ والمعنى إنا جعلناه عربياً لأجل أنا أنزلناه على قوم عرب فجعلناه بلغة العرب ليفهموا منه المراد، فإن قيل قوله ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ متعلق بماذا ؟ قلنا يجوز أن يتعلق بقوله ﴿تَنزِيلٌ﴾ أو بقوله ﴿فُصِّلَتْ﴾ أي تنزيل من الله لأجلهم أو فصلت آياته لأجلهم، والأجود أن يكون صفة مثل ما قبله وما بعده، أي قرآناً عربياً كائناً لقوم عرب، لئلا يفرق بين الصلات والصفات وثامنها وتاسعها : قوله ﴿بَشِيراً وَنَذِيراً﴾ يعني بشيراً للمطيعين بالثواب ونذيراً للمجرمين بالعقاب، والحق أن القرآن بشارة ونذارة إلا أنه أطلق اسم الفاعل عليه للتنبيه على كونه كاملاً في هذه الصفة، كما يقال شعر شاعر وكلام قائل.
الصفة العاشرة : كونهم معرضين عنه لا يسمعون ولا يلتفتون إليه، فهذه هي الصفات العشرة التي وصف الله القرآن بها، ويتفرع عليها مسائل :
المسألة الأولى :