ولما كان الكبر قد يكون بالحق كما على من خالف أمر الله قال :﴿بغير الحق﴾ أي الأمر الذي يطابقه الواقع، وهو إنكار رسالة البشر، فإن الواقع إرسالهم ﴿وقالوا﴾ أي وضموا إلى استكبارهم على قبول ما جاءهم من الحق أن قالوا متعاظمين على أمر الله بما أتاهم الله من فضله :﴿من أشد منا قوة﴾ فنحن نقدر على دفع ما يأتي من العذاب الذي يهددنا به هود عليه الصلاة والسلام لأنهم كانوا أشد الناس قوى وأعظمهم أجساماً.
ولما كان التقدير أن يقال إنكاراً عليهم : ألم يروا أن الله لو شاء لجعلهم كغيرهم، عطف عليه قوله :﴿أو لم يروا﴾ أي يعلموا علماً كما هو كالمشاهدة لأنه غريزة في الفطرة الأولى فهو علم ضروري ﴿أنّ الله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿الذي خلقهم﴾ ولم يكونوا شيئاً ﴿هو أشد منهم قوة﴾ ومن علم أن غيره أقوى منه وكان عاقلاً انقاد له فيما ينفعه ولا يضره، واجتماع قوتهم التي هي شدة البنية وقوته سبحانه التي هي كمال القدرة وهي صفة قائمة بذاته سبحانه إنما هو في الآثار الناشئة عن القوة، فلذلك جمعاً بأشد.