وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَإِنْ أَعْرَضُواْ ﴾
يعني كفار قريش عما تدعوهم إليه يا محمد من الإيمان.
﴿ فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾ أي خوفتكم هلاكاً مثل هلاك عاد وثمود.
﴿ إِذْ جَآءَتْهُمُ الرسل مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ يعني من أرسل إليهم وإلى من قبلهم ﴿ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله ﴾ موضع "أَنْ" نصب بإسقاط الخافض أي ب"أَلاَّ تَعْبُدُوا" و ﴿ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً ﴾ بدل الرسل ﴿ فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾ من الإنذار والتبشير.
قيل : هذا استهزاء منهم.
وقيل : إقرار منهم بإرسالهم ثم بعده جحود وعناد.
قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا عَادٌ فاستكبروا فِي الأرض ﴾ على عباد الله هود ومن آمن معه ﴿ بِغَيْرِ الحق وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾ اغتروا بأجسامهم حين تهدّدهم بالعذاب، وقالوا : نحن نقدر على دفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوّتنا.
وذلك أنهم كانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم.
وقد مضى في "الأعراف" عن ابن عباس : أن أطولهم كان مائة ذراع وأقصرهم كان ستين ذراعاً.
فقال الله تعالى ردًّا عليهم :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الذي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾ وقدرة، وإنما يقدر العبد بإقدار الله، فالله أقدر إذاً.
﴿ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ أي بمعجزاتنا يكفرون.
قوله تعالى :﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً ﴾ هذا تفسير الصاعقة التي أرسلها عليهم، أي ريحاً باردة شديدة البرد وشديدة الصوت والهبوب.
ويقال : أصلها صَرَّرَ من الصِّر ( وهو البرد ) فأبدلوا مكان الراء الوسطى فاء الفعل ؛ كقولهم كَبْكَبوا أصله كبَبَّوا، وتَجَفْجَفَ الثوبُ أصله تجفَّف.
أبو عبيدة : معنى صَرْصَر : شديدة عاصفة.
عكرمة وسعيد بن جبير : شديدة البرد.
وأنشد قُطْرُب قول الحطيئة :


الصفحة التالية
Icon