ثم قال تعالى :﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الذي ظَنَنتُم بِرَبّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مّنَ الخاسرين﴾ وهذا نص صريح في أن من ظن بالله تعالى أنه يخرج شيء من المعلومات عن علمه فإنه يكون من الهالكين الخاسرين، قال أهل التحقيق الظن قسمان ظن حسن بالله تعالى وظن فاسد، أما الظن الحسن فهو أن يظن به الرحمة والفضل، قال ﷺ حكاية عن الله عزّ وجلّ :" أنا عند ظن عبدي بي " وقال ﷺ :" لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله " والظن القبيح فاسد وهو أن يظن بالله أنه يعزب عن علمه بعض هذه الأحوال، وقال قتادة : الظن نوعان ظن منج وظن مرد، فالمنج قوله ﴿إِنّي ظَنَنتُ أَنّي ملاق حِسَابِيَهْ﴾ [ الحاقة : ٢٠ ] وقوله ﴿الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبّهِمْ﴾ [ البقرة : ٤٦ ]، وأما الظن المردي فهو قوله ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الذي ظَنَنتُم بِرَبّكُمْ﴾ قال صاحب "الكشاف" ﴿وذلكم﴾ رفع بالابتداء ﴿وظنكم﴾ و ﴿أَرْدَاكُمْ﴾ خبران ويجوز أن يكون ظنكم بدلاً من ذلاكم وأرداكم الخبر.
ثم قال :﴿فَإِن يَصْبِرُواْ فالنار مَثْوًى لَّهُمْ﴾ يعني إن أمسكوا عن الاستغاثة لفرج ينتظرونه لم يجدوا ذلك وتكون النار مثوى لهم أي مقاماً لهم ﴿وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مّنَ المعتبين﴾ أي لم يعطوا العتبى ولم يجابوا إليها، ونظيره قوله تعالى :﴿أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ﴾ [ إبراهيم : ٢١ ] وقرىء وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين أي أن يسألوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون أي لا سبيل لهم إلى ذلك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٧ صـ ٩٩ ـ ١٠٢﴾


الصفحة التالية
Icon