وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرض خَاشِعَةً ﴾
الخطاب لكل عاقل أي "وَمِنْ آيَاتِهِ" الدالة على أنه يحيي الموتى ﴿ أَنَّكَ تَرَى الأرض خَاشِعَةً ﴾ أي يابسة جدبة ؛ هذا وصف الأرض بالخشوع ؛ قال النابغة :
رمادٌ كَكُحْلِ الْعَيْنِ لأْياً أُبِينُهُ...
ونُوْيٌ كَجِذْمِ الْحَوْضِ أَثْلَمُ خاشِع
والأرض الخاشعة : الغبراء التي تنبت.
وبلدة خاشعة : أي مغبرة لا منزل بها.
ومكان خاشع.
﴿ فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت ﴾ أي بالنبات ؛ قاله مجاهد.
يقال : اهتز الإنسان أي تحرك ؛ ومنه :
تراه كَنَصْلِ السيفِ يَهْتَزُّ لِلنَّدى...
إذا لم تَجِدْ عِند امرِىء السَّوْءِ مَطْمَعا
﴿ وَرَبَتْ ﴾ أي انتفخت وعلت قبل أن تنبت ؛ قاله مجاهد.
أي تصعدت عن النبات بعد موتها.
وعلى هذا التقدير يكون في الكلام تقديم وتأخير وتقديره : ربت واهتزت.
والاهتزاز والربو قد يكونان قبل الخروج من الأرض ؛ وقد يكونان بعد خروج النبات إلى وجه الأرض ؛ فرُبُوُّها ارتفاعها.
ويقال للموضع المرتفع : ربوة ورابية ؛ فالنبات يتحرك للبروز ثم يزداد في جسمه بالكبر طولاً وعرضاً.
وقرأ أبو جعفر وخالد "وَرَبَأَتْ" ومعناه عظمت ؛ من الربيئة.
وقيل :"اهْتَزَّتْ" أي استبشرت بالمطر "وَرَبَتْ" أي انتفخت بالنبات.
والأرض إذا انشقت بالنبات : وُصِفت بالضحك، فيجوز وصفها بالاستبشار أيضاً.
ويجوز أن يقال الربو والاهتزاز واحد ؛ وهي حالة خروج النبات.
وقد مضى هذا المعنى في "الحج" ﴿ إِنَّ الذي أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الموتى إِنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ تقدم في غير موضع.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ في آيَاتِنَا ﴾ أي يميلون عن الحق في أدلتنا.
والإلحاد : الميل والعدول.
ومنه اللحد في القبر ؛ لأنه أميل إلى ناحية منه.
يقال : ألحد في دين الله أي حاد عنه وعدل.
ولَحَد لغة فيه.