ولما تقرر بما مضى أن المطيع ناجٍ، وتحرر أن العاصي هالك كانت النتيجة من غير تردد :﴿من عمل صالحاً﴾ كائناً من كان من ذكر أو أنثى ﴿فلنفسه﴾ أي فنفع عمله لها ببركتها به لا يتعداها، والنفس فقيرة إلى التزكية بالأعمال الصالحة لأنها محل النقائص، فلذا عبر بها، وكان قياس العبارة في جانب الصلاح.
" ومن عمل سيئاً " فأفاد العدول إلى ما عبر به مع ذكر العمل أولاً الذي مبناه العلم إن الصالح تتوقف صحته على نيته، وأن السيء يؤاخذ به عامله في الجملة من الله أو الناس ولو وقع خطأ فلذا قال :﴿ومن أساء﴾ أي في عمله ﴿فعليها﴾ أي على نفسه خاصة ليس على غيره منه شيء.
ولما كان لمقصد السورة نظر كبير إلى الرحمة، كرر سبحانه وصف الربوبية فيها كثيراً، فقال عاطفاً على ما تقديره : فما ربك بتارك جزاء أحد أصلا خيراً كان أو شراً :﴿وما ربك﴾ أي المحسن إليك بإرسالك لتتميم مكارم الأخلاق.