والنوع الثالث : من كلماتهم الفاسدة أن يقول ﴿وَلَئِن رُّجِّعْتُ إلى رَبّي إِنَّ لِى عِندَهُ للحسنى﴾ يعني أن الغالب على الظن أن القول بالبعث والقيامة باطل، وبتقدير أن يكون حقاً فإن لي عنده للحسنى، وهذه الكلمة تدل على جزمهم بوصولهم إلى الثواب من وجوه الأول : أن كلمة إن تفيد التأكيد الثاني : أن تقديم كلمة لي تدل على هذا التأكيد الثالث : قوله ﴿عِندَهُ﴾ يدل على أن تلك الخيرات حاضرة مهيئة عنده كما تقول لي عند فلان كذا من الدنانير، فإن هذا يفيد كونها حاضرة عنده، فلو قلت إن لي عند فلان كذا من الدنانير لا يفيد ذلك والرابع : اللام في قوله ﴿للحسنى﴾ تفيد التأكيد الخامس : للحسنى يفيد الكمال في الحسنى.
ولما حكى الله تعالى عنهم هذه الأقوال الثلاثة الفاسدة قال :﴿فَلَنُنَبّئَنَّ الذين كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ﴾ أي نظهر لهم أن الأمر على ضد ما اعتقدوه وعلى عكس ما تصوروه كما قال تعالى :﴿وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً﴾ [ الفرقان : ٢٣ ] ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾ في مقابلة قولهم ﴿إِنَّ لِي عِندَهُ للحسنى ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٧ صـ ١١٧ ـ ١١٩﴾