وقوله :﴿ وظنوا ﴾ يحتمل أن يكون متصلاً بما قبله ويكون الوقف عليه، ويكون قوله :﴿ ما لهم من محيص ﴾ استئناف نفي أن يكون لهم منجى أو موضع روغان، يقول : حاص الرجل : إذا راغ يطلب النجاة من شيء، ومنه الحديث : فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، ويكون الظن على هذا التأويل على بابه، أي ظنوا أن هذه المقالة :﴿ ما منا من شهيد ﴾ منجاة لهم، أو أمر يموهون به، ويحتمل أن يكون الوقف في قوله :﴿ من قبل ﴾، ويكون :﴿ وظنوا ﴾ منصلاً بقوله :﴿ ما لهم من محيص ﴾ أي ظنوا ذلك، ويكون الظن على هذا التأويل بمعنى اليقين وبه فسر السدي، وهذه عبارة يطلقها أهل اللسان على الظن، ولست تجد ذلك إلا فيما علم علماً قوياً وتقرر في النفس ولم يتلبس به بعد، وإلا فمتى تلبس بالشيء وحصل تحت إدراك الحواس فلست تجدهم يوقعون عليه لفظة الظن.
وقوله تعالى :﴿ لا يسئم الإنسان ﴾ آيات نزلت في كفار قريش، قيل في الوليد بن المغيرة، وقيل في عتبة بن ربيعة، وجل الآية يعطي أنها نزلت في كفار وإن كان أولها يتضمن خلقاً ربما شارك فيه بعض المؤمنين. و: ﴿ دعاء الخير ﴾ إضافته المصدر إلى المفعول، والفاعل محذوف تقديره : من دعاء الخير هو. وفي مصحف ابن مسعود :" من دعاء بالخير ". و﴿ الخير ﴾ في هذه الآية : المال والصحة، وبذلك تليق الآية بالكافر، وإن قدرناه خير الآخرة فهي للمؤمن، وأما اليأس والقنط على الإطلاق فمن صفة الكافر وحده.