والضّمير في ( ينادي ) عائد إلى ﴿ ربّك في قوله وما ربّك بظلام للعبيد ﴾ [ فصلت : ٤٦ ]، والنداء كناية عن الخطاب العلني كقوله :﴿ ينادونهم ألم نكن معكم ﴾ [ الحديد : ١٤ ].
وقد تقدم الكلام على النداء عند قوله تعالى :﴿ ربّنا إننا سمِعنا منادياً ينادي للإيمان ﴾ في آل عمران ( ١٩٣ )، وقوله :﴿ ونُودوا أن تلكُم الجنّة أورثتموها ﴾ في سورة الأعراف ( ٤٣ ).
وجملة ﴿ أين شركائي ﴾ يصح أن يكون مقول قول محذوف كما صرّح به في آية أخرى ﴿ ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ﴾ [ القصص : ٧٤ ] ﴿ ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين ﴾ [ القصص : ٦٥ ].
وحذف القول ليس بعزيز.
ويصحّ أن تكون مبيّنة لما تضمنه ﴿ يناديهم ﴾ من معنى الكلام المعْلن به.
وجاءت جملة ﴿ قالوا آذناك ﴾ غير معطوفة لأنّها جارية على طريقة حكاية المحاورات كما تقدّم عند قوله تعالى :﴿ وإذ قال ربّك للملائكة ﴾ إلى قوله :﴿ ما لا تعلمون ﴾ [ البقرة : ٣٠ ].
و﴿ آذناك ﴾ أخبرناك وأعلمناك.
وأصل هذا الفعل مشتق من الاسم الجامد وهو الأذن بضم الهمزة وسكون الذال وقال تعالى :﴿ فقل آذنتكم على سواء ﴾ [ الأنبياء : ١٠٩ ]، وقال الحارث بن حلزة :
أذنَتْنَا بِبَيْنها أسماء
وصيغة الماضي في ﴿ آذناك ﴾ إنشاء فهو بمعنى الحال مثل : بعْتُ وطلقت، أي نأذنك ونُقر بأنّه ما منّا من شهيد.
والشهيد يجوز أن يكون بمعنى المشاهد، أي المبصر، أي ما أحد منا يَرى الذين كنّا ندعوهم شركاءك الآن، أي لا نرى واحداً من الأصنام التي كنّا نعبدها فتكون جملة ﴿ وضلّ عنهم ما كانوا يدعون ﴾ في موضع الحال، والواو واو الحال.
ويجوز أن يكون الشهيد بمعنى الشاهد، أي ما منّا أحد يشهد أنّهم شركاؤك، فيكون ذلك اعترافاً بكذبهم فيما مضى، وتكون جملة ﴿ وضل عنهم ﴾ معطوفة على جملة ﴿ قالوا آذناك ﴾، أي قالوا ذلك ولم يجدوا واحداً من أصنامهم.
وفعل ﴿ آذناك ﴾ معلّق عن العمل لورود النفي بعده.


الصفحة التالية
Icon