والثاني بيّنه بقوله "أَوْ" يسمع الموحى إليه كلامه المقدس الخالي عن الحرف والصوت المنزه عن الشبيه والمثيل "مِنْ وَراءِ حِجابٍ" يحجب السامع في الدنيا عن الرؤية لا أن يحجب اللّه عن رؤيته، لأنه جل شأنه لا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام ولا يحجبه حجاب، وذلك من غير رؤية كما سمع موسى عليه السلام كلامه من الشجرة وكما سمعت الملائكة كلامه في دعوتهم للسجود لآدم عليهم السلام، راجع الآية ٤٥ من سورة الإسراء في ج ١ في بحث الحجاب، هذا.
والنوع الثالث هو المذكور في قوله "أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا" من ملائكته الكرام "فَيُوحِيَ" ما يتلقاه منه بِإِذْنِهِ" عز وجل إلى المرسل إليه "ما يَشاءُ" أن بوحيه من الوحي المقدس "إِنَّهُ عَلِيٌّ" عن سمات وصفات خلقه "حَكِيمٌ" ٥١ صائب المرمى فيما بوحيه من الأمور القولية والفعلية.
وسبب نزول هذه الآية على ما نقله الآلوسي رحمه اللّه في تفسيره روح البيان نقلا عن البحر أن قريشا قالت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ألا تكلم ربك وتنظر إليه إن كنت صادقا كما كلمه موسى ؟ فقال لهم لم ينظر موسى ربه، فنزلت.
وهذا أصح مما نقله الإمام علي بن محمد بن ابراهيم البغدادي في تفسير الخازن المسمى لباب التأويل من أن سبب نزولها هو أن اليهود قالوا للنبي صلّى اللّه عليه وسلم ألا تكلم