ما قدرناه وقسمناه له فيها أزلا لا نعطيه غيره "وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ" ٢٠ أبدا لأن همته كانت مقصورة على الدنيا، ومن كان كذلك فإنه يؤتى حظه المقدر له من كل ما فيها كاملا ويكافأ على أعماله الحسنة كالصدقة والصلة وقول المعروف وإماطة الأذى وغيرها من عافية ورزق وجاه وولد وغيره، فيأتي في الآخرة محروما من ثوابها، لأنه لم يقصد بها وجه اللّه،
قال تعالى "أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ" من الأوثان "شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ" من الشرك فيه وإنكار البعث والكتب والرسل والجنة والنار.
والاستفهام هنا إنكاري أي ليس لهم شرع ولا شارع على حد قوله تعالى (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا) الآية ٤٣ من سورة الأنبياء الآتية، قال تعالى مهددا لهؤلاء الفجرة "وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ" السابقة منا بتأخير العذاب "لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ" بإنزاله وفرغ من عذابهم وجدالهم وإنكارهم "وَإِنَّ الظَّالِمِينَ" أنفسهم بالكفر أمثال هؤلاء "لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ" ٢١ في الآخرة غير عذاب الدنيا ويوم القيامة بأكرم الرسل "تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا" خائفين أشد الخوف من وبال أعمالهم الدنيوية "وَهُوَ" أي العذاب المترتب عليهم جزاء أعمالهم "واقِعٌ بِهِمْ" لا محالة لأنه محتم عليهم أزلا "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ" يكونون في أطيب بقاعها جزاء لأعمالهم الحسنة "لَهُمْ ما يَشاؤُنَ" فيها من كل ما لذّ وطاب وخطر بالبال "عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ" الجزاء الحسن "هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ" ٢٢ الذي لا أكبر منه لأنه من الإله الكبير، وهذه الآيات المدنيات في هذه السورة.