وقد أجمع السلف والخلف الصالحون على مودتهم، فلا يصح القول بوجه من الوجوه بنسخ هذه الآية أبدا، وعفا اللّه عن هؤلاء الذين لا هم لهم إلا أن يقولوا هذا ناسخ وهذا منسوخ ولو لا الراسخون في العم الواضعون أصول علم الناسخ والمنسوخ والوافقون لأمثالهم على ما يتقولون به من النسخ بالمرصاد لتوسعوا بأكثر من هذا.
وأخرج بن جرير عن أبي الديلم قال لما جيء بعلي بن الحسين رضي اللّه عنهما أسيرا، أقيم على درج دمشق، فقام رجل من أهل الشام فقال الحمد للّه الذي قتلكم واستأصلكم، فقال له علي : أقرأت القرآن ؟ قال نعم، قال أقرأت آل حم ؟ قال نعم، قال أما قرأت (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) ؟ قال فإنكم لأنتم هم ؟ قال نعم، قال فأطرق أي ندما على ما قال وأسفا.
فانظروا أيها الناس كيف قاتل من قاتل من أهل الشام أناسا لا يعرفونهم ولا يقدرون مكانتهم.
راجع الآية ١٣٧ من الأعراف في ج ١، وقال علي كرم اللّه وجهه قال اللّه فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا مؤمن.
يعني هذه الآية.
وقال الكميت :
وجدنا لكم في آل حم آية تأولها منا تقي ومعرب
وقال عمر الهيتي :
بأية آية يأتي يزيد غداة صحائف الأعمال تتلى
وقام رسول رب العرش يتلو - وقد صمت جميع الخلائق - قل لا وقال الآخر :
أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب
وأخرج ابن حبان عن أبي سعيد قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل إلا أدخله اللّه تعالى النار، وأخرج احمد والترمذي وصححه النسائي عن المطلب بن ربيعة قال دخل العباس على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال إنا لنخرج فترى قريشا تتحدث، فإذا رأونا سكتوا، فغضب صلّى اللّه عليه وسلم ودر عرق بين جبينه، ثم قال واللّه لا يدخل قلب امرئ ايمان حتى يحبكم للّه تعالى ولقرابتي.
وما أحسن ما قيل :