وقال ابن عطية :
﴿ حم (١) عسق (٢) ﴾
فصلت :﴿ حم ﴾ من :﴿ عسق ﴾، ولم يفعل ذلك ب ﴿ كهيعص ﴾ [ مريم : ١ ] لتجري هذه مجرى الحواميم أخواتها.
وقرأ الجمهور :" حم عسق ". وقرأ ابن مسعود وابن عباس :" حم سق " بسقوط عين، والأقوال في هذه كالأقوال في أوائل السور. وروى حذيفة في هذا حديثاً مضمنه : أنه سيكون في هذه الأمة مدينتان يشقهما نهر بالمشرق، تهلك إحداهما ليلاً ثم تصبح الأخرى سالمة، فيجتمع فيها جبابرة المدينتين متعجبين من سلامتها، فتهلك من الليلة القابلة، وأن ﴿ حم ﴾ معناه : حم هذه الأمر. وعين : معناه عدلاً من الله. وسين : سيكون ذلك. وقاف : معناه يقع ذلك بهم. وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الأحرف التي في أوائل السور. والكاف في قوله :﴿ كذلك ﴾ نعت لمصدر محذوف، والإشارة بذلك تختلف بحسب الأقوال في الحروف.
وقرأ جمهور القراء :" يوحي " بالياء على إسناد الفعل إلى الله تعالى، وهي قراءة الحسن والأعرج وأبي جعفر والجحدري وعيسى وطلحة والأعمش. وقرأ أبو حيوة والأعشى عن أبي بكر عن عاصم :" نوحي " : بنون العظمة، ويكون قوله :﴿ الله ﴾ ابتداء وخبره :﴿ العزيز ﴾ ويحتمل أن يكون خبره :﴿ له ما في السماوات ﴾. وقرأ ابن كثير وحده :" يوحَى " بالياء وفتح الحاء على بناء الفعل للمفعول، وهي قراءة مجاهد، والتقدير : يوحى إليك القرآن يوحيه الله، وكما قال الشاعر :
ليبك يزيد ضارع لخصومة... ومنه قوله تعالى :﴿ يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال ﴾ [ النور : ٣٦ ].
وقوله تعالى :﴿ وإلى الذين من قبلك ﴾ يريد من الأنبياء الذين نزلت عليهم الكتب.


الصفحة التالية
Icon