وقال الآلوسى :
﴿ وَمِنْ ءاياته الجوار ﴾
أي السفن الجواري أي الجارية فهي صفة لموصوف محذوف لقرينة قوله تعالى :﴿ فِى البحر ﴾ وبذلك حسن الحذف وإلا فهي صفة غير مختصة والقياس فيها أن لا يحذف الموصوف وتقوم مقامه، وجوز أبو حيان أن يقال : إنها صفة غالبة كالابطح وهي يجوز فيها أن تلى العوامل بغير ذكر الموصوف، و﴿ فِى البحر ﴾ متعلق بالجواري وقوله تعالى :﴿ كالاعلام ﴾ في موضع الحال.
وجوز أن يكون الأول أيضاً كذلك، والاعلام جمع علم وهو الجبل وأصله الأثر الذي يعلم به الشيء كعلم الطريق وعلم الجيش وسمى الجبل علماً لذلك ولا اختصاص له بالجبل الذي عليه النار للاهتداء بل إذا أريد ذلك قيد كما في قول الخنساء :
وإن صخر التأتم الهداة به...
كأنه علم في رأسه نار
وفيه مبالغة لطيفة، وحكى أن النبي ﷺ قال لماسمعه : قاتلها الله تعالى ما رضيت بتشبيهه بالجبل حتى جعلت على رأسه ناراً.
وقرأ نافع وأبو عمرو الجواري بياء في الوصل دون الوقف.
وقرأ ابن كثير بها فيهما والباقون بالحذف فيهما والإثبات على الأصل والحذف للتخفيف، وعلى كل فالأعراب تقديري وسمع من بعض العرب الأعراب على الراء.
﴿ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الريح ﴾ التي تجري بها ويعدم سبب تموجها وهو تكاثف الهواء الذي كان في المحل الذي جرت إليه وتراكم بعضه على بعض وسبب ذلك التكاثف إما انخفاض درجة حرارة الهواء فيقل تمدده ويتكاثف ويترك أكثر المحل الذي كان مشغولاً به خلياً وإما تجمع فجائي يحصل في الأبخرة المنتشرة في الهواء فيخلو محلها، وهذا على ما قيل أقوى الأسباب فإذا وجد الهواء أمامه فراغاً بسبب ذلك جرى بقوة ليشغله فتحدت الريح وتستمر حتى تملأ المحل وما ذكر في سبب التموج هو الذي ذكره فلاسفة العصر.


الصفحة التالية
Icon