وأما المتقدمون فذكروا أشياء أخر، ولعل هناك أسباباً غير ذلك كله لا يعلمها إلا الله عز وجل، والقول بالأسباب تحريكاً واسكاناً لا ينافي إسناد الحوادث إلى الفاعل المختار جل جلاله وعم نواله.
وقرأ نافع ﴿ الرياح ﴾ جمعا ﴿ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ على ظَهْرِهِ ﴾ فيصرن ثوابت على ظهر البحر أي غير جاريات لا غير متحركات أصلاً، وفسر بعضهم ﴿ يظللن ﴾ بيبقين فيكون ﴿ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ ﴾ حالا والأول أولى.
وقرأ قتادة ﴿ فَيَظْلَلْنَ ﴾ بكسر اللام والقياس الفتح لأن الماضي مكسور العين فالكسر في المضارع شاذ، وقال الزمخشري : هو من ظلل يظل بالفتح والكسر نحو ضل بالضاد يضل ويضل، وتعقبه أبو حيان بأنه ليس كما ذكر لأن يضل بالفتح من ضللت بالكسر ويضلل بالكسر من ضللت بالفتح وكلاهما مقيس ﴿ إِنَّ فِى ذَلِكَ ﴾ الذي ذكر من السفن المسخرة في البحر تحت أمره سبحانه وحسب مشيئته تعالى :﴿ لاَيَاتٍ ﴾ عظيمة كثيرة على عظمة شؤنه عز وجل ﴿ لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ لكل من حبس نفسه عن التوجه إلى ما لا ينبغي ووكل همته بالنظر في آيات الله تعالى والتفكر في آلائه سبحانه فالصبر هنا حبس مخصوص والتفكر في نعمه تعالى شكر.
ويجوز أن يكون قد كني بهذين الوصفين عن المؤمن الكامل لأن الإيمان نصفه صبر ونصفه شكر.
وذكر الإمام أن المؤمن لا يخلو من أن يكون في السراء والضراء فإن كان في الضراء كان من الصابرين وان كان في السراء كان من الشاكرين.