وقرأ " يُنَزِّل " مثقلة جمهور القراء، وقرأها " يُنْزِل " مخففة ابن وثاب والأعمش، ورويت عن أبي عمرو، ورجحها أبو حاتم، وقرأ جمهور الناس :" قنَطوا " بفتح النون، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش : بكسر النون، وقد تقدم ذكرها وهما لغتان : قنَط، وقنِط، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل له : أجدبت الأرض وقنط الناس، فقال : مطروا إذاً، بمعنى أن الفرج عند الشدة، واختلف المتأولون في قوله تعالى :﴿ وينشر رحمته ﴾ فقالت فرقة : أراد بالرحمة المطر، وعدد النعمة بعينها بلفظتين : الثاني منهما يؤكد الأول. وقالت فرقة : الرحمة في هذا الموضع الشمس، فذلك تعديد نعمة غير الأولى، وذلك أن المطر إذا ألم بعد القنط حسن موقعه، فإذا دام سئم، فتجيء الشمس بعده عظيمة الموضع.
وقوله تعالى :﴿ وهو الولي الحميد ﴾ أي من هذه أفعاله فهو الذي ينفع إذا والى وتحمد أفعاله ونعمه، لا كالذي لا يضر ولا ينفع من أوثانكم. ثم ذكر تعالى الآية الكبرى، الصنعة الدالة على الصانع، وذلك ﴿ خلق السماوات والأرض ﴾.
وقوله تعالى :﴿ وما بث فيهما ﴾ يتخرج على وجوه، منها أن يريد إحداهما فيذكر الاثنين كما قال :﴿ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ﴾ [ الرحمن : ٢٢ ] وذلك إنما يخرج من الملح وحده، ومنها أن يكون تعالى قد خلق السماوات وبث دواب لا نعلمها نحن، ومنها أن يريد الحيوانات التي توجد في السحاب، وقد يقع أحياناً كالضفادع ونحوها، فإن السحاب داخل في اسم السماء. وحكى الطبري عن مجاهد أنه قال في تفسير :﴿ وما بث فيهما من دابة ﴾ هم الناس والملائكة، وبعيد غير جار على عرف اللغة أن تقع الدابة على الملائكة.


الصفحة التالية
Icon