والملائكة لهم حركة الثالث : لا يبعد أن يقال إنه تعالى خلق في السموات أنواعاً من الحيوانات يمشون مشي الأناسي على الأرض.
ثم قال تعالى :﴿وَهُوَ على جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ﴾ قال صاحب "الكشاف" : إذا تدخل على المضارع كما تدخل على الماضي، قال تعالى :﴿واليل إِذَا يغشى﴾ [ الليل : ١ ] ومنه ﴿إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ﴾ والمقصود أنه تعالى خلقها متفرقة، لا لعجز ولكن لمصلحة، فلهذا قال :﴿وَهُوَ على جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ﴾ يعني الجمع للحشر والمحاسبة، وإنما قال :﴿على جَمْعِهِمْ﴾ ولم يقل على جمعها، لأجل أن المقصود من هذا الجمع المحاسبة، فكأنه تعالى قال : وهو على جمع العقلاء إذا يشاء قدير، واحتج الجبائي بقوله ﴿إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ﴾ على أن مشيئته تعالى محدثة بأن قال : إن كلمة ﴿إِذَا﴾ تفيد ظرف الزمان، وكلمة ﴿يَشَاء﴾ صيغة المستقبل، فلو كانت مشيئته تعالى قديمة لم يكن لتخصيصها بذلك الوقت المعين من المستقبل فائدة، ولما دل قوله ﴿إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ﴾ على هذا التخصيص علمنا أن مشيئته تعالى محدثة والجواب : أن هاتين الكلمتين كما دخلتا على المشيئة، أي مشيئة الله، فقد دخلتا أيضاً على لفظ القدير فلزم على هذا أن يكون كونه قادراً صفة محدثة، ولما كان هذا باطلاً، فكذا القول فيما ذكره، والله أعلم.
ثم قال تعالى :﴿وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ نافع وابن عامر ﴿بِمَا كَسَبَتْ﴾ بغير فاء، وكذلك هي في مصاحف الشام والمدينة، والباقون بالفاء وكذلك هي في مصاحفهم، وتقدير الأول أن ما مبتدأ بمعنى الذي، وبما كسبت خبره، والمعنى والذي أصابكم وقع بما كسبت أيديكم، وتقدير الثاني تضمين كلمة : ما معنى الشرطية.
المسألة الثانية :