القسم الثالث أن يكون حقاً في مال ؛ فيجوز لصاحبه أن يغالب على حقه حتى يصل إليه إن كان ممن هو عالم به، وإن كان غير عالم نُظر، فإن أمكنه الوصول إليه عند المطالبة لم يكن له الاستسرار بأخذه.
وإن كان لا يصل إليه بالمطالبة لجحود من هو عليه من عدم بيّنة تشهد له ففي جواز استسراره بأخذه مذهبان : أحدهما جوازه ؛ وهو قول مالك والشافعي.
الثاني المنع ؛ وهو قول أبي حنيفة.
السادسة قوله تعالى :﴿ إِنَّمَا السبيل عَلَى الذين يَظْلِمُونَ الناس ﴾ أي بعدوانهم عليهم ؛ في قول أكثر العلماء.
وقال ابن جريج : أي يظلمونهم بالشرك المخالف لدينهم.
﴿ وَيَبْغُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق ﴾ أي في النفوس والأموال ؛ في قول الأكثرين.
وقال مقاتل : بَغْيُهم عَملُهم بالمعاصي.
وقال أبو مالك : هو ما يرجوه كفار قريش أن يكون بمكة غير الإسلام ديناً.
وعلى هذا الحدّ قال ابن زيد : إن هذا كله منسوخ بالجهاد، وإن هذا للمشركين خاصة.
وقول قتادة : إنه عام ؛ وكذا يدل ظاهر الكلام.
وقد بيناه والحمد لله.
السابعة قال ابن العربي : هذه الآية في مقابلة الآية المتقدّمة في "براءة" وهي قوله :﴿ مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ ﴾ [ التوبة : ١٩ ] ؛ فكما نفى الله السبيل عمن أحسن فكذلك نفاها على من ظلم ؛ واستوفى بيان القسمين.
الثامنة واختلف علماؤنا في السلطان يضع على أهل بلد مالاً معلوماً يأخذهم به ويؤدّونه على قدر أموالهم ؛ هل لمن قدر على الخلاص من ذلك أن يفعل، وهو إذا تخلص أخذ سائر أهل البلد بتمام ما جعل عليهم.
فقيل لا ؛ وهو قول سحنون من علمائنا.
وقيل : نعم، له ذلك إن قدر على الخلاص ؛ وإليه ذهب أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي ثم المالكي.
قال : ويدل عليه قول مالك في الساعي يأخذ من غنم أحد الخلطاء شاة وليس في جميعها نصاب إنها مظلمة على من أخذت له لا يرجع على أصحابه بشيء.


الصفحة التالية
Icon