وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الأرض ﴾
لتكبَّرُوا وأفسدُوا فيَها بَطَراً أو لعَلاَ بعضُهم على بعضٍ بالاستيلاءِ والاستعلاء، كمَا عليهِ الجِبلَّةُ البشريةُ. وأصلُ البَغِي طلب تجاوز الاقتصادِ فيَما يُتحرَّى من حيثُ الكميَّةُ أو الكيفيَّةُ ﴿ ولكن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ ﴾ أي بتقديرٍ ﴿ مَا يَشَاء ﴾ أنْ ينزلَهُ مما تقتضيه مشيئتُه ﴿ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ ﴾ محيطٌ بخفايا أمورهم وجلايَاها فيقدرُ لكلِّ واحدٍ منهُم في كلِّ وقتٍ من أوقاتِهم ما يليقُ بشأنِهم فيفقرُ ويُغِني ويمنعُ ويُعطِي ويَقْبِض ويبسُط حسبما تقتضيهِ الحكمةُ الربَّانيةُ. ولو أغناهُم جميعاً لبغَوا ولو أفقرهُم لهلكُوا. ورُويَ أنَّ أهلَ الصُّفَّةِ تمنَّوا الغِنَى فنزلتْ وقيل : نزلتْ في العرب كانُوا إذا أخصبوا تحاربُوا وإذا أجدبوا انتجعوا.


الصفحة التالية
Icon