وقال الفرّاء أراد ما بث في الأرض دون السماء ؛ كقوله :﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ [ الرحمن : ٢٢ ] وإنما يخرج من الملح دون العَذْب.
وقال أبو عليّ : تقديره وما بث في أحدهما ؛ فحذف المضاف.
وقوله :﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا ﴾ أي من أحدهما.
﴿ وَهُوَ على جَمْعِهِمْ ﴾ أي يوم القيامة.
﴿ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ ﴾.
قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ قرأ نافع وابن عامر "بمَا كَسَبَتْ" بغير فاء.
الباقون "فَبِمَا" بالفاء، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم للزيادة في الحرف والأجر.
قال المهدَوِيّ : إن قدرت أن "ما" الموصولة جاز حذف الفاء وإثباتها، والإثبات أحسن.
وإن قدرتها التي للشرط لم يجز الحذف عند سيبويه، وأجازه الأخفش واحتج بقوله تعالى :﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ [ الأنعام : ١٢١ ].
والمصيبة هنا الحدود على المعاصي ؛ قاله الحسن.
وقال الضحاك : ما تعلّم رجل القرآن ثم نسيه إلا بذنب ؛ قال الله تعالى :﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ ثم قال : وأيّ مصيبة أعظم من نسيان القرآن ؛ ذكره ابن المبارك عن عبد العزيز بن أبي روّاد.
قال أبو عبيد : إنما هذا على الترك، فأما الذي هو دائب في تلاوته حريص على حفظه إلا أن النسيان يغلبه فليس من ذلك في شيء.
ومما يحقق ذلك أن النبيّ ﷺ كان ينسى الشيء من القرآن حتى يذكره ؛ من ذلك حديث عائشة عن النبيّ ﷺ : سمع قراءة رجل في المسجد فقال :" ما له رحمه الله! لقد أذكرني آيات كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا " وقيل :"ما" بمعنى الذي، والمعنى الذي أصابكم فيما مضى بما كسبت أيديكم.
وقال عليّ رضي الله عنه : هذه الآية أرجى آية في كتاب الله عز وجل.