وإذا كان يكفّر عني بالمصائب ويعفو عن كثير فما يبقى بعد كفارته وعفوه! وقد روى هذا المعنى مرفوعاً عنه رضي الله عنه، " قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : ألاَ أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدّثنا بها النبي ﷺ ﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ الآية :"يا عليّ ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبِما كسبت أيديكم.
والله أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعاقب به بعد عفوه" " وقال الحسن : لما نزلت هذه الآية قال النبيّ ﷺ :" ما من اختلاج عِرْق ولا خَدْش عُود ولا نكبة حجر إلاّ بذنب ولما يعفو الله عنه أكثر " وقال الحسن : دخلنا على عمران بن حُصين فقال رجل : لا بد أن أسألك عما أرى بك من الوجع ؛ فقال عمران : يا أخي لا تفعل! فوالله إني لأحِبّ الوجع ومن أحبه كان أحبّ الناس إلى الله، قال الله تعالى :﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾ فهذا مما كسبت يدي، وعَفْوُ ربي عما بقي أكثر.
وقال مُرَّة الْهَمْداني : رأيت على ظهر كف شُريح قُرحة فقلت : يا أبا أمية، ما هذا؟ قال : هذا بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير.
وقال ابن عَون : إن محمد بن سِيرين لما ركبه الدَّين اغتم لذلك فقال : إني لأعرف هذا الغم، هذا بذنب أصبته منذ أربعين سنة.
وقال أحمد بن أبي الحَوَارِي قيل لأبي سليمان الدّاراني : ما بال العقلاء أزالوا اللوم عمن أساء إليهم؟ فقال : لأنهم علموا أن الله تعالى إنما ابتلاهم بذنوبهم، قال الله تعالى :﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾.
وقال عِكرمة : ما من نكبة أصابت عبداً فما فوقها إلا بذنب لم يكن الله ليغفره له إلا بها أو لينال درجة لم يكن يوصّله إليها إلا بها.


الصفحة التالية
Icon