وقوله تعالى :﴿ إنما السبيل ﴾ وقوله :﴿ أليم ﴾ اعتراض بين الكلامين، ثم عاد في قوله :﴿ ولمن صبر ﴾ إلى الكلام الأول، كأنه قال : ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ولمن صبر وغفر. واللام في قوله :﴿ ولمن صبر ﴾ يصح أن تكون لام القسم، ويصح أن تكون لام الابتداء. و" من " ابتداء. وخبره في قوله :﴿ إن ذلك ﴾. و: ﴿ عزم الأمور ﴾ محكها ومتقنها والحميد العاقبة منها. ومن رأى أن هذه الآية هي فيما بين المؤمنين والمشركين وأن الضمير للمشركين كان أفضل، قال إن الآية نسخت بآية السيف، ومن رأى أن الآية إنما هي بين المؤمنين، قال هي محكمة، والصبر والغفران أفضل إجماعاً، وقال رسول الله ﷺ :" إذا كان يوم القيامة نادى مناد، من كان له على الله أجر فليقم، فيقوم عنق من الناس كثير، فيقال ما أجركم؟ فيقولون : نحن الذين عفونا ظلمنا في الدنيا ".
وقوله تعالى :﴿ ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده ﴾ تحقير لأمر الكفرة فلا يبال بهم أحد من المؤمنين، فقد أضارهم كفرهم وإضلال الله إياهم إلى ما لا فلاح لهم معه. ثم وصف تعالى لنبيه عليه السلام حالهم في القيامة عند رؤيتهم العذاب فاجتزى من صفتهم وصفة حالتهم بأنهم يقولون ﴿ هل إلى مرد من سبيل ﴾، وهذه المقالة تدل على سوء ما أطلعوا عليه، والمراد موضوع الرد إلى الدنيا، والمعنى الذي قصدوه أن يكون رد فيكون منهم استدراك للعمل والإيمان. والرؤية في هذه الآية : رؤية عين. والضمير في قوله :﴿ عليها ﴾ عائد على النار، وعاد الضمير مع أنها لم يتقدم لها ذكر من حيث دل عليها قوله :﴿ رأوا العذاب ﴾ وقوله :﴿ من الذل ﴾ يحتمل أن يتعلق ب ﴿ خاشعين ﴾ ويحتمل أن يتعلق بما بعده من قوله :﴿ ينظرون ﴾.
وقرأ طلحة بن مصرف :" من الذِل " بكسر الذال.


الصفحة التالية
Icon